{ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } قال المبرد : أي ما عظموه حق عظمته ، من قولك فلان عظيم القدر ، وإنما وصفهم بهذا ؛ لأنهم عبدوا غير الله ، وأمروا رسوله بأن يكون مثلهم في الشرك . وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وعيسى بن عمر : " قدّروا " بالتشديد { والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة } القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك ، فأخبر سبحانه : عن عظيم قدرته بأن الأرض كلها مع عظمها ، وكثافتها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفه كما يقولون : هو في يد فلان ، وفي قبضته للشيء الذي يهون عليه التصرّف فيه ، وإن لم يقبض عليه ، وكذا قوله : { والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ } ، فإن ذكر اليمين للمبالغة في كمال القدرة كما يطوي الواحد منا الشيء المقدور له طيه بيمينه ، واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى : القدرة والملك . قال الأخفش : بيمينه يقول : في قدرته ، نحو قوله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانكم } [ النساء : 3 ] أي ما كانت لكم قدرة عليه ، وليس الملك لليمين دون الشمال ، وسائر الجسد ، ومنه له سبحانه : { لأخَذْنَا مِنْهُ باليمين } [ الحاقة : 45 ] أي : بالقوّة والقدرة ، ومنه قول الشاعر :
إذا ما راية نصبت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين
ولما رأيت الشمس أشرق نورها *** تناولت منها حاجتي بيمين
عطست بأنف شامخ وتناولت *** يداي الثريا قاعداً غير قائم
وجملة : { والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ } في محل نصب على الحال ، أي ما عظموه حق تعظيمه ، والحال أنه متصف بهذه الصفة الدالة على كمال القدرة . قرأ الجمهور برفع { قبضته } على أنها خبر المبتدأ ، وقرأ الحسن بنصبها ، ووجهه ابن خالويه بأنه على الظرفية ، أي في قبضته .
وقرأ الجمهور : { مطويات } بالرفع على أنها خبر المبتدأ ، والجملة في محل نصب على الحال كالتي قبلها ، و{ بيمينه } متعلق ب{ مطويات } ، أو حال من الضمير في { مطويات } ، أو خبر ثانٍ ، وقرأ عيسى ، والجحدري بنصب : ( مطويات ) ، ووجه ذلك : أن { السموات } معطوفة على { الأرض } ، وتكون { قبضته } خبراً عن الأرض والسماوات ، وتكون { مطويات } حالاً ، أو تكون { مطويات } منصوبة بفعل مقدّر ، و{ بيمينه } الخبر ، وخصّ يوم القيامة بالذكر ، وإن كانت قدرته شاملة ، لأن الدعاوي تنقطع فيه كما قال سبحانه : { الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ } [ الحج : 56 ] ، وقال : { مالك يَوْمِ الدين } [ الفاتحة : 4 ] ، ثم نزّه سبحانه نفسه ، فقال : { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من المعبودات التي يجعلونها شركاء له مع هذه القدرة العظيمة ، والحكمة الباهرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.