في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البينة مكية وآياتها ثمان

هذه السورة معدودة في المصحف وفي أكثر الروايات أنها مدنية . وقد وردت بعض الروايات بمكيتها . ومع رجحان مدنيتها من ناحية الرواية ، ومن ناحية أسلوب التعبير التقريري ، فإن كونها مكية لا يمكن استبعاده . وذكر الزكاة فيها وذكر أهل الكتاب لا يعتبر قرينة مانعة . فقد ورد ذكر أهل الكتاب في بعض السور المقطوع بمكيتها . وكان في مكة بعض أهل الكتاب الذين آمنوا ، وبعضهم لم يؤمنوا . كما أن نصارى نجران وفدوا على الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في مكة وآمنوا كما هو معروف . وورد ذكر الزكاة كذلك في سور مكية .

والسورة تعرض عدة حقائق تاريخية وإيمانية في أسلوب تقريري هو الذي يرجح أنها مدنية إلى جانب الروايات القائلة بهذا .

والحقيقة الأولى هي أن بعثة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] كانت ضرورية لتحويل الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين عما كانوا قد انتهوا إليه من الضلال والاختلاف ، وما كانوا ليتحولوا عنه بغير هذه البعثة : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة : رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ، فيها كتب قيمة . .

والحقيقة الثانية : أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة ولا عن غموض فيه ، إنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البينة : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) .

والحقيقة الثالثة : أن الدين في أصله واحد ، وقواعده بسيطة واضحة ، لا تدعو إلى التفرق والاختلاف في ذاتها وطبيعتها البسيطة اليسيرة : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، وذلك دين القيمة ) .

والحقيقة الرابعة : أن الذين كفروا بعد ما جاءتهم البينة هم شر البرية ، وأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية . ومن ثم يختلف جزاء هؤلاء عن هؤلاء اختلافا بينا :

ن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . أولئك هم شر البرية . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، ذلك لمن خشي ربه . .

وهذه الحقائق الأربع ذات قيمة في إدراك دور العقيدة الإسلامية ودور الرسالة الأخيرة . وفي التصور الإيماني كذلك . نفصلها فيما يلي :

( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة : رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ، فيها كتب قيمة ) .

لقد كانت الأرض في حاجة ماسة إلى رسالة جديدة كان الفساد قد عم أرجاءها كلها بحيث لا يرتجى لها صلاح إلا برسالة جديدة ، ومنهج جديد ، وحركة جديدة . وكان الكفر قد تطرق إلى عقائد أهلها جميعا سواء أهل الكتاب الذين عرفوا الديانات السماوية من قبل ثم حرفوها ، أو المشركون في الجزيرة العربية وفي خارجها سواء .

وما كانوا لينفكوا ويتحولوا عن هذا الكفر الذي صاروا إليه إلا بهذه الرسالة الجديدة ، وإلا على يد رسول يكون هو ذاته بينة واضحة فارقة فاصلة

/خ3

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البيّنة مدنية ، وآياتها ثمان ، نزلت بعد سورة الطلاق .

لم يكن خافيا على أهل الكتاب من كتبهم أن نبيا في آخر الزمان سيأتي . وكانت نعوته وأوصافه ظاهرة في كتبهم ، بل كان كثير من أحبارهم يبشّر به وينتظر قدومه . وكان اليهود في المدينة يذكرون ذلك للأوس والخزرج ويهددونهم به ، حيث زعموا أنه سينصرهم عليهم ، لأنهم سيؤمنون به إذا بُعث . فلما بعث رسول الله مؤيَّدا بالقرآن الكريم اختلفوا ، وأخلفوا وعدهم ، وكفروا به .

فهذه السورة الكريمة ، على قِصَرها ، تعرض حقائق تاريخية ، وتتحدث عن الإيمان وإخلاص العبادة ، وأن بعثة الرسول الكريم ضرورية لتصحيح ما طرأ على الديانات السابقة لها من تحريف وتبديل . وهي تقرّر أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة منهم ، ولا عن غموض فيه ، وإنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البيّنة . وتؤكد السورة أن الدين كله أصله واحد ، وأن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مصيرهم جهنم ، لأنهم شر البرية ، فيما المؤمنون خير البريّة { جزاؤهم عند ربهم جنات عدن } لما قدّموا من أعمال صالحة { رضي الله عنهم ورضوا عنه } .

أهل الكتاب : اليهود والنصارى .

المشركون : عَبَدَة الأصنام من العرب وغيرهم .

منفكّين : منتهين عما هم عليه ، منصرفين عن غفلتهم .

البيّنة : الحجة الواضحة ، والمراد بها هنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .

كان العالَم قبل مبعث النبيّ عليه الصلاة والسلام مضطرباً وفي حالة سيئة من الفساد الذي عَمّ أرجاءَه ، والظلم والاستبداد الطاغيينِ . وكان أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى والمشركون الوثنيّون يقولون قبل مبعث الرسول الكريم : لا ننفَكّ مما نحن عليه من دِيننا ولا نتركه حتى يُبعثَ النبيُّ الموعود الذي هو مكتوبٌ في التوراة والإنجيل . وهو محمدٌ صلى الله عليه وسلم . وهذا معنى هذه الآية الكريمة .

لم يكن الذين كفروا باللهِ ورسولِه من اليهودِ والنصارى ومن المشركين منتَهِين عما هم علَيه من الكُفر والجحود حتى تأتيَهم البيّنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة ( لم يكن ) ، وهي مدنية .

{ 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

يقول تعالى : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي : [ من ] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم .

{ مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه ، أي : لا يزالون في غيهم وضلالهم ، لا يزيدهم مرور السنين{[1464]}  إلا كفرًا .

{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة ، والبرهان الساطع ،


[1464]:- في ب: الأوقات.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وهي ثماني آيات .

{ لم يكن الذين كفروا } بمحمد ص { من أهل الكتاب } أي اليهود والنصارى { والمشركين } يعني كفار العرب { منفكين } منتهين زائلين عن كفرهم { حتى تأتيهم البينة } يعني أتتهم البينة ، أي البيان والبصيرة ، وهو محمد عليه السلام ، والقرآن يقول : لم يتركوا كفرهم حتى بعث إليهم محمد عليه السلام ، وهذا فيمن آمن من الفريقين .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

{ لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ ( 1 ) }

لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين تاركين كفرهم حتى تأتيهم العلامة التي وُعِدوا بها في الكتب السابقة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مدنية . وقيل : مكية ، وآياتها ثمان .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتى تأتيهم البيّنة 1 رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة 2 فيها كتب قيّمة 3 وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة 4 وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة } .

كان الكافرون من الفريقين وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وعبدة الأوثان المشركون ، يقولون قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم : لا ننفكّ مما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد صلى الله عليه وسلم . فحكى الله ما كانوا يقولون ، وهو قوله سبحانه : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين } يعني لم يكن هؤلاء الكفار منتهين عن كفرهم أو مائلين عما هم فيه من العبادة الباطلة حتى يتبين لهم الحق وهو أن تأتيهم البينة وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد فسره بقوله : { رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة } .