هي ثمان آيات وهي مدنية في قول الجمهور ، وقيل مكية . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة { لم يكن } بالمدينة . وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة لم يكن بمكة . وأخرج أبو نعيم في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم المزني ، حدثني فضل ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله يستمع قراءة { لم يكن الذين كفروا } فيقول : أبشر عبدي وعزتي وجلالي لأمكننّ لك في الجنة حتى ترضى » قال ابن كثير : حديث غريب جدّاً . وأخرجه أبو موسى المديني عن مطر المزني ، أو المدني بنحوه . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب : «إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا } قال : وسماني لك ؟ قال : نعم فبكى » . وأخرج أحمد وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني وابن مردويه عن أبي حية البدري قال : «لما نزلت { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } إلى آخرها قال جبريل : يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبياً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة ، فقال أبي : وقد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فبكى » .
المراد ب { الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب } اليهود والنصارى ، { و } المراد ب { المشركين } مشركو العرب ، وهم عبدة الأوثان ، و { مُنفَكّينَ } خبر كان ، يقال فككت الشيء فانفك ، أي انفصل ، والمعنى : أنهم لم يكونوا مفارقين لكفرهم ولا منتهين عنه { حتى تَأْتِيَهُمُ البينة } وقيل : الانفكاك بمعنى الانتهاء وبلوغ الغاية : أي لم يكونوا يبلغون نهاية أعمارهم ، فيموتوا حتى تأتيهم البينة . وقيل : منفكين زائلين : أي لم تكن مدّتهم لتزول حتى تأتيهم البينة ، يقال ما انفك فلان قائماً : أي ما زال قائماً ، وأصل الفكّ الفتح . ومنه فكّ الخلخال . وقيل : منفكين بارحين : أي لم يكونوا ليبرحوا أو يفارقوا الدنيا حتى تأتيهم البينة . وقال ابن كيسان : المعنى لم يكن أهل الكتاب تاركين صفة محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعث . فلما بعث حسدوه وجحدوه ، وهو كقوله : { فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } [ البقرة : 89 ] وعلى هذا فيكون قوله : { والمشركين } أنهم ما كانوا يسيئون القول في محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعث ، فإنهم كانوا يسمونه «الأمين » ، فلما بعث عادوه وأساءوا القول فيه . وقيل : { مُنفَكّينَ } هالكين . من قولهم : انفكّ صلبه : أي انفصل . فلم يلتئم فيهلك ، والمعنى : لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلاّ بعد قيام الحجة عليهم . وقيل : إن المشركين هم أهل الكتاب ، فيكون وصفاً لم لأنهم قالوا المسيح ابن الله وعزير ابن الله . قال الواحدي : ومعنى الآية : إخبار الله تعالى عن الكفار أنهم لن ينتهوا عن كفرهم ، وشركهم بالله حتى أتاهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن ، فبيّن لهم ضلالتهم وجهالتهم ، ودعاهم إلى الإيمان ، وهذا بيان عن النعمة والإنقاذ به من الجهل والضلالة والآية فيمن آمن من الفريقين . قال : وهذه الآية من أصعب ما في القرآن نظماً وتفسيراً ، وقد تخبط فيها الكبار من العلماء ، وسلكوا في تفسيرها طرقاً لا تفضي بهم إلى الصواب . والوجه ما أخبرتك فاحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال . قال : ويدلّ على أن البينة محمد صلى الله عليه وسلم أنه فسرها وأبدل منها فقال : { رَسُولٌ مّنَ الله يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.