تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

{ 21 } { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }

أي : أم حسب المسيئون المكثرون من الذنوب المقصرون في حقوق ربهم { أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } بأن قاموا بحقوق ربهم ، واجتنبوا مساخطه ولم يزالوا مؤثرين رضاه على هوى أنفسهم ؟ أي : أحسبوا أن يكونوا { سَوَاءً } في الدنيا والآخرة ؟ ساء ما ظنوا وحسبوا وساء ما حكموا به ، فإنه حكم يخالف حكمة أحكم الحاكمين وخير العادلين ، ويناقض العقول السليمة والفطر المستقيمة ، ويضاد ما نزلت به الكتب وأخبرت به الرسل ، بل الحكم الواقع القطعي أن المؤمنين العاملين الصالحات لهم النصر والفلاح والسعادة والثواب في العاجل والآجل كل على قدر إحسانه ، وأن المسيئين لهم الغضب والإهانة والعذاب والشقاء في الدنيا والآخرة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات } أم منقطعة ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان ، والاجتراح الاكتساب ومنه الجارحة . { أن نجعلهم } أن نصيرهم . { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مثلهم وهو ثاني مفعولي نجعل وقوله : { سواء محياهم ومماتهم } بدل منه إن كان الضمير للموصول الأول ؛ لأن المماثلة فيه إذ المعنى إنكار أن يكون حياتهم ومماتهم سيين في البهجة والكرامة كما هو للمؤمنين ، ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وحفص { سواء } بالنصب على البدل أو الحال من الضمير في الكاف ، أو المفعولية والكاف حال ، وإن كان للثاني فحال منه أو استئناف يبين المقتضى للإنكار ، وإن كان لهما فبدل أو حال من الثاني ، وضمير الأول والمعنى إنكار أن يستووا بعد الممات في الكرامة أو ترك المؤاخذة كما استووا في الرزق والصحة في الحياة ، أو استئناف مقرر لتساوي محيا كل صنف ومماته في الهدى والضلال ، وقرئ " مماتهم " بالنصب على أن { محياهم ومماتهم } ظرفان كمقدم الحاج . { ساء ما يحكمون } ساء حكمهم هذا أو بئس شيئا حكموا به ذلك .