{ قُلْ } لهؤلاء المشركين بالله : { أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا } من هؤلاء المخلوقات العاجزة يتولاني ، وينصرني ؟ ! .
فلا أتخذ من دونه تعالى وليا ، لأنه فاطر السماوات والأرض ، أي : خالقهما ومدبرهما . { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ } أي : وهو الرزاق لجميع الخلق ، من غير حاجة منه تعالى إليهم ، فكيف يليق أن أتخذ وليا غير الخالق الرزاق ، الغني الحميد ؟ " { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } لله بالتوحيد ، وانقاد له بالطاعة ، لأني أولى من غيري بامتثال أوامر ربي .
{ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } أي : ونهيت أيضا ، عن أن أكون من المشركين ، لا في اعتقادهم ، ولا في مجالستهم ، ولا في الاجتماع بهم ، فهذا أفرض الفروض عليَّ ، وأوجب الواجبات .
ثم قال لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي بعثه بالتوحيد العظيم والشرع القويم ، وأمره أن يدعو الناس إلى صراطه{[10592]} المستقيم : { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } كَمَا قَالَ { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } [ الزمر : 64 ] ، والمعنى : لا أتخذ وليًا إلا الله وحده لا شريك له ، فإنه فاطر السموات والأرض ، أي : خالقهما ومبدعهما على غير مثال سَبَق .
{ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ } أي : وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم ، كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * [ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ]{[10593]} } [ الذاريات : 56 - 58 ] .
وقرأ بعضهم هاهنا : { وَهُوَ يُطْعِمُ ولا يَطْعَمُ } الآية{[10594]} أي : لا يأكل .
وفي حديث سُهَيْل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ]{[10595]} قال : دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فانطلقنا معه ، فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه قال : الحمد لله الذي يُطعِم ولا يَطْعَم ، ومَنَّ علينا فهدانا ، وأطعمنا وسَقانا وكلّ بَلاء حَسَن أبلانا ، الحمد لله غير مُودّع{[10596]} ولا مكافَأ ولا مكفور ولا مُسْتَغْنًى عنه ، الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام ، وسقانا من الشراب ، وكسانا من العري ، وهدانا من الضلال ، وبَصَّرنا من العَمَى ، وفَضَّلنا على كثير ممن خلق تفضيلا الحمد لله رب العالمين " {[10597]}
{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أي : من هذه الأمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.