تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ } أي : على سرير الملك ، ومجلس العزيز ، { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } أي : أبوه ، وأمه وإخوته ، سجودا على وجه التعظيم والتبجيل والإكرام ، { وَقَالَ } لما رأى هذه الحال ، ورأى سجودهم له : { يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ } حين رأي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين ، فهذا وقوعها الذي آلت إليه ووصلت { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } فلم يجعلها أضغاث أحلام .

{ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي } إحسانا جسيما { إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ } وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام ، حيث ذكر حاله في السجن ، ولم يذكر حاله في الجب ، لتمام عفوه عن إخوته ، وأنه لا يذكر ذلك الذنب ، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي .

فلم يقل : جاء بكم من الجوع والنصب ، ولا قال : " أحسن بكم " بل قال { أَحْسَنَ بِي } جعل الإحسان عائدا إليه ، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده ، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب . { مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } فلم يقل " نزغ الشيطان إخوتي " بل كأن الذنب والجهل ، صدر من الطرفين ، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره ، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة .

{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ } يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر ، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها ، { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها ، وسرائر العباد وضمائرهم ، { الْحَكِيمُ } في وضعه الأشياء مواضعها ، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

ويذكر رؤياه ويرى تأويلها بين يديه في سجود إخوته له - وقد رفع أبويه على السرير الذي يجلس عليه - كما رأى الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين :

( ورفع أبويه على العرش ، وخروا له سجدا ، وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) . .

ثم يذكر نعمة الله عليه :

( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) . .

ويذكر لطف الله في تدبيره لتحقيق مشيئته :

( إن ربي لطيف لما يشاء ) . .

يحقق مشيئته بلطف ودقة خفية لا يحسها الناس ولا يشعرون بها :

( إنه هو العليم الحكيم ) . .

ذات التعبير الذي قاله يعقوب وهو يقص عليه رؤياه في مطلع القصة :

( إن ربك عليم حكيم ) . .

ليتوافق البدء والختام حتى في العبارات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

{ ورفع أبويه على العرش وخرّوا له سجّداً } تحية وتكرمة له فإن السجود كان عندهم يجري مجراها . وقيل معناه خروا لأجله سجدا لله شكرا . وقيل الضمير لله تعالى والواو لأبويه وإخوته والرفع مؤخر عن الخرور وإن قدم لفظا للإهتمام بتعظيمه لهما . { وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل } التي رأيتها أيام الصبا . { وقد جعلها ربي حقا } صدقا . { وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن } ولم يذكر الجب لئلا يكون تثريبا عليهم . { وجاء بكم من البدو } من البادية لأنهم كانوا أصحاب المواشي وأهل البدو . { من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي } أفسد بيننا وحرش ، من نزغ الرائض الدابة إذا نخسها وحملها على الجري . { إن ربي لطيف لما يشاء } لطيف التدبير له إذا ما من صعب إلا وتنفذ فيه مشيئته ويتسهل دونها . { إنه هو العليم } بوجود المصالح والتدابير . { الحكيم } الذي يفعل كل شيء في وقته وعلى وجه يقتضي الحكمة . روي : أن يوسف طاف بأبيه عليهما الصلاة السلام في خزائنه فلما أدخله خزانة القراطيس قال : يا بني ما أعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت إلى على ثمان مراحل قال : أمرني جبريل عليه السلام قال : أو ما تسأله قال : أنت أبسط مني إليه فاسأله فقال جبريل : الله أمرني بذلك . لقولك : { وأخاف أن يأكله الذئب } قال فهلا خفتني .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

و { العرش } : سرير الملك ، وكل ما عرش فهو عريش وعرش ، وخصصت اللغة العرش لسرير الملك ، و { خروا } معناه : تصوبوا إلى الأرض ، واختلف في هذا السجود ، فقيل : كان كالمعهود عندنا من وضع الوجه بالأرض ، وقيل : بل دون ذلك كالركوع البالغ ونحوه مما كان سيرة تحياتهم للملوك في ذلك الزمان ، وأجمع المفسرون أن ذلك السجود - على أي هيئة كان - فإنما كان تحية لا عبادة . قال قتادة : هذه كانت تحية الملوك عندهم . وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة . وقال الحسن : الضمير في { له } لله عز وجل .

قال القاضي أبو محمد : ورد على هذا القول{[6838]} .

وحكى الطبري : أن يعقوب لما بلغ مصر في جملته كلم يوسف فرعون في تلقيه فخرج إليه وخرج الملوك معه فلما دنا يوسف من يعقوب وكان يعقوب يمشي متوكئاً على يهوذا - قال : فنظر يعقوب إلى الخيل والناس فقال : يا يهوذا ، هذا فرعون مصر ، قال : لا هو ابنك ، قال : فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه ذهب يوسف يبدأ بالسلام ، فمنعه يعقوب من ذلك وكان يعقوب أحق بذلك منه وأفضل ، فقال : السلام عليك يا مذهب الأحزان .

قال القاضي أبو محمد : ونحو هذا من القصص ، وفي هذا الوقت قال يوسف ليعقوب : إن فرعون قد أحسن إلينا فادخل عليه شاكراً ، فدخل عليه ، فقال فرعون : يا شيخ ما مصيرك إلى ما أرى ؟ قال : تتابع البلاء عليّ . قال : فما زالت قدمه حتى نزل الوحي : يا يعقوب ، أتشكوني إلى من لا يضرك ولا ينفعك ؟ قال : يا رب ذنب فاغفره . وقال أبو عمرو الشيباني : تقدم يوسف يعقوب في المشي في بعض تلك المواطن فهبط جبريل فقال له : أتتقدم أباك ؟ إن عقوبتك لذلك ألا يخرج من نسلك نبي .

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ( 100 )

المعنى : قال يوسف ليعقوب : هذا السجود الذي كان منكم ، هو ما آلت إليه رؤياي قديماً في الأحد عشر كوكباً وفي الشمس والقمر .

وقوله : { قد جعلها ربي حقاً } ابتداء تعديد نعم الله تعالى عليه ، وقوله : { وقد أحسن بي } ، أي أوقع وناط إحسانه بي . فهذا منحى في وصول الإحسان بالباء ، وقد يقال : أحسن إليَّ ، وأحسن فيّ ، ومنه قول عبد الله بن أبي ابن سلول : يا محمد أحسن في مواليّ ؛ وهذه المناحي مختلفة المعنى ، وأليقها بيوسف قوله : { بي } لأنه إحسان درج فيه دون أن يقصد هو الغاية التي صار إليها{[6839]} .

وذكر يوسف عليه السلام إخراجه من السجن ، وترك إخراجه من الجب لوجهين .

أحدهما : أن في ذكر إخراجه من الجب تجديد فعل إخوته وخزيهم بذلك وتقليع نفوسهم وتحريك تلك الغوائل وتخبيث النفوس{[6840]} .

والوجه الآخر : أنه خرج من الجب إلى الرق ، ومن السجن إلى الملك فالنعمة هنا أوضح{[6841]} .

وقوله : { وجاء بكم من البدو } يعم جمع الشمل والتنقل من الشقاوة إلى النعمة بسكنى الحاضرة ، وكان منزل يعقوب عليه السلام بأطراف الشام في بادية فلسطين وكان رب إبل وغنم وبادية{[6842]} .

و { نزغ } معناه : فعل فعلاً أفسد به ، ومنه قول النبي عليه السلام : «لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لا ينزغ الشيطان في يده »{[6843]} .

وإنما ذكر يوسف هذا القدر من أمر إخوته ليبين حسن موقع النعم ، لأن النعمة إذا جاءت إثر شدة وبلاء فهي أحسن موقعاً .

وقوله : { لما يشاء } أي من الأمور أن يفعله ، واختلف الناس في كم كان بين رؤيا يوسف وبين ظهورها : فقالت فرقة أربعون سنة - هذا قول سلمان الفارسي وعبد الله بن شداد ، وقال عبد الله بن شداد : ذلك آخر ما تبطىء الرؤيا - وقالت فرقة - منهم الحسن وجسر بن فرقد وفضيل بن عياض - ثمانون سنة . وقال ابن إسحاق : ثمانية عشر ، وقيل : اثنان وعشرون قاله النقاش - وقيل : ثلاثون ، وقيل : خمس وثلاثون - قاله قتادة - وقال السدي وابن جبير : ستة وثلاثون سنة . وقيل : إن يوسف عليه السلام عمر مائة وعشرين سنة . وقيل : إن يعقوب بقي عند يوسف نيفاً على عشرين سنة ثم توفي صلى الله عليه وسلم .

قال القاضي أبو محمد : ولا وجه في ترك تعريف يوسف أباه بحاله منذ خرج من السجن إلى العز إلا الوحي من الله تعالى لما أراد أن يمتحن به يعقوب وبنيه ، وأراد من صورة جمعهم - لا إله إلا هو - وقال النقاش : كان ذلك الوحي في الجب ، وهو قوله تعالى : { وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } [ يوسف : 15 ] وهذا محتمل .

ومما روي في أخبار يعقوب عليه السلام : قال الحسن : إنه لما ورده البشير لم يجد عنده شيئاً يثيبه به فقال له : والله ما أصبت عندنا شيئاً ، وما خبرنا منذ سبه ليال ، ولكن هون الله عليك سكرات الموت .

ومن أخباره : أنه لما اشتد بلاؤه وقال : يا رب أعميت بصري وغيبت عني يوسف ، أفما ترحمني ؟ فأوحى الله إليه : سوف أرحمك وأرد عليك ولدك وبصرك ، وما عاقبتك بذلك إلا أنك طبخت في منزلك حملاً فشمه جار لك ولم تساهمه بشيء ، فكان يعقوب بعد يدعوه إلى غدائه وعشائه . وحكى الطبري : أنه لما اجتمع شمله كلفه بنوه أن يدعو الله لهم حتى يأتي الوحي بأن الله قد غفر لهم . قال : فكان يعقوب يصلي ويوسف وراءه وهم وراء يوسف ، ويدعو لهم فلبث كذلك عشرين سنة ثم جاءه الوحي : إني قد غفرت لهم وأعطيتهم مواثيق النبوة بعدك . ومن أخباره : أنه لما حضرته الوفاة أوصى إلى يوسف أن يدفنه بالشام ، فلما مات نفخ فيه المر وحمله إلى الشام ، ثم مات يوسف فدفن بمصر ، فلما خرج موسى - بعد ذلك - من أرض مصر احتمل عظام يوسف حتى دفنها بالشام مع آبائه .


[6838]:هذا خطأ، والهاء راجعة إلى يوسف لقوله تعالى في أول السورة: {رأيتهم لي ساجدين}. قال النقاش
[6839]:الأصل في (أحسن) أن يتعدى ب (إلى) ، قال تعالى: {وأحسن كما أحسن الله إليك}، وقد يتعدى بالباء كقوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا}، وكذلك (أساء)، يقال: أساء إليه، وبه، قال الشاعر: أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت وقد يكون (أحسن) ضمن معنى (لطف) فعدي بالباء.
[6840]:لمعنى يقول بعض الصوفية: "ذكر الجفا في وقت الصفا جفا". وفي هذا
[6841]:وقيل: ذكر إخراجه من السجن دون الجب لأن دخوله في السجن كان باختياره بقوله: {رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه} وكان ا لجب بإرادة الله، وقيل لأنه كان في السجن مع العصاة واللصوص، أما في الجب فكان مع الله، وقيل: لأن المنة في الخروج من السجن كانت أكثر، لأنه دخله بسبب أمرهم به، فكان الكرب فيه أكثر، أما الجب فقد ألقي فيه بدون ذنب، ولهذا كان كربه فيه أخف.
[6842]:وهو الموضع الذي عناه جميل بثينة بقوله: يقال: إن يعقوب خرج إلى مكان يسمى (بدا) وأنت التي حببت شغبا إلى بدا إلي، وأوطاني بلاد سواهما وليعقوب بهذا الموضع مسجد تحت جبل هناك. (ذكر ذلك القرطبي وأبو حيان في البحر المحيط).
[6843]:أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)، فالرواية هنا بالياء في (يشير) وهي على النفي المراد به النهي، وهي أيضا بالعين المهملة في (ينزع)، والمعنى: يرمي به في يده ويحقق ضربته، ومن رواه (ينزغ) بالمعجمة فمعناه الإغراء، أي: يزين له الشيطان تحقيق الضربة. والرواية في (مسلم) بالعين المهملة. (راجع شرح النووي).