بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا} (45)

ثم قال : { واضرب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدنيا } ، أي للمشركين شبه ما في الدنيا من الزينة والزهرة . { كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السماء } ، وهو المطر . { فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض } ، أي اختلط الماء بالنبات ، لأن الماء إذا دخل في الأرض ينبت به النبات ، فكأنه اختلط به ، { فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرياح } . وفي الآية مضمر ، ومعناه فاختلط الماء بنبات الأرض فنبت وحسن ، حتى إذا بلغ أرسل الله آفة فأيبسته فصار هشيماً ، أي صار يابساً متكسراً بعد حسنه . قال القتبي : وأَصْلُهُ من هشمت الشيء إذا كسرته ؛ ومنه سمي الرجل هاشماً { تَذْرُوهُ الرياح } ، أَي ذرته الرياح كالرماد ولم يبق منه شيء ، فكذلك الدنيا في فنائها وزوالها تهلك إذا جاءت الآخرة وما فيها من الزهرة . { وَكَانَ الله على كُلّ شَىْء مُّقْتَدِرًا } ، أي قادراً من البعث وغيره . قرأ حمزة والكسائي : الريح بلفظ الوحدان ، وقرأ الباقون الرياح بلفظ الجماعة .