الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا} (45)

ثم قال : { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا } [ 44 ] .

أي واضرب للمشركين يا محمد الذين رغبوا [ في الدنيا ] {[42878]} واختاروها على الآخرة فسألوك أن نطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه للدنيا

{ مثل } أي شبها .

{ كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } [ 44 ] .

أي كمطر أنزله الله من السماء { فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما } [ 44 ] فمثل الدنيا كمثل هذا النبات الذي حسن استواؤه بهذا المطر ثم انقطع عنه فعاد هشيما . أي : يابسا {[42879]} فتاتا { تذروه الرياح } [ 44 ] لا فائدة فيه {[42880]} . وكذلك الدنيا ، بينما الإنسان في غضارتها مغتبطا إذ أتاه الموت فيبطل {[42881]} كل ما كان فيه .

وقيل : معنى المثل المستحسن من الدنيا المشتهى المستحلى من نعمها ، كله [ يبطل {[42882]} ] ويفسد بالفناء والزوال والانقلاب من الحال المستحسنة [ إلى الحال المستقبحة ] {[42883]} كما انتقل النبات عن {[42884]} الخضرة والطراء إلى الجفاف والاسوداد والهلاك . فلا ينبغي لمن لطف نظره وصح {[42885]} تمييزه من الدنيا بما لا يبقى عليه ولا يحصل {[42886]} له نفعه .

ثم قال : { وكان الله على كل شيء مقتدرا } [ 44 ] .

أي قادرا لا يفوته شيء . ومعنى { وكان الله } فأتى بالخبر عن الماضي أنه على [ معنى : أن ] {[42887]} ما شاهدتموه من قوته ليس بحادث بل لم يزل على ذلك . هذا مذهب سيبويه {[42888]} . وقال : الحسن معناه : وكان مقتدرا عليه قبل كونه {[42889]} . وكذا الجواب عن كل ما أخبر الله [ عز وجل ] {[42890]} به عن نفسه بالماضي .


[42878]:ساقط من ق.
[42879]:ق: "تابسا".
[42880]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 15/252.
[42881]:ط: "فبطل".
[42882]:ساقط من ق.
[42883]:ساقط من ق.
[42884]:ق: "على".
[42885]:ق: "صحة".
[42886]:ق: ولا يحس.
[42887]:ساقط من ق.
[42888]:وهو مذهب الخليل أيضا، انظر رأيهما في معاني الزجاج 3/291.
[42889]:انظر قوله في معاني الزجاج 3/291.
[42890]:ساقط من ق.