بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (101)

وقوله تعالى : { يا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ }

روي عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ : { فِيهِ آيات بينات مَّقَامُ إبراهيم وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين } [ آل عمران : 97 ] وقال : «يا أيها الناس كتب عليكم الحج » فقام رجل فقال : في كل عام يا رسول الله ؟ فأعرض عنه . ثم عاد فقال : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَ ، وَلَوْ وَجَبَ مَا اسْتَطَعْتُمُوهُ ، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهُ لَكَفَرْتُمْ " ثم قال : " إنَّمَا هِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ أو قال : مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ "

ونزل :

{ يا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } وعن أبي عوانة أنه قال : سألت عكرمة عن قوله تعالى : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } قال : ذلك يومٌ قام فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه ، فأكثروا عليه فغضب . وقال : " لا تَسْألُونِي عَنْ شَيْءٍ إلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ " ، فقام رجل فكره المسلمون يومئذٍ مقامه ، فقال : يا رسول الله من أبي ؟ فقال : «حُذَافَةُ » يعني : رجلاً غير أبيه ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله رضينا بالله رباً ، وبك نبياً ، فنزلت هذه الآية { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } .

وروي في خبر آخر أن رجلاً سأله فقال : أين أبي ؟ فقال : «فِي النَّارِ » .

وروي عن نافع أنه سئل عن هذه الآية فقال : لم تزل المسائل منذ قط تُكره . ثم قال تعالى : { وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن } يعني : وقت الذي ينزل جبريل { تُبْدَ لَكُمْ } يعني : تظهر لكم . ويقال : فيها تقديم يعني : وإن تسألوا عنها تبد لكم حين نزول القرآن . ثم قال : { عَفَا الله عَنْهَا } يعني . عن تلك الأشياء حين لم ينزل فيها القرآن ولم يوجبها عليكم { والله غَفُورٌ } ذو التجاوز ، { حَلِيمٌ } حيث لم يعجل عليكم بالعقوبة .