بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ} (61)

وقوله تعالى :

{ وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ } يعني : القادر الغالب عليهم { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } والحفظة جمع الحافظ ، مثل الكتبة والكاتب . يعني به : الملائكة موكلين ببني آدم ، ملكين بالليل ، وملكين بالنهار ، ويكتب أحدهما الخير ، والآخر الشر . فإذا مشى يكون أحدهما بين يديه ، والآخر خلفه ، فإذا جلس يكون أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله . كقوله : { إِذْ يَتَلَقَّى المتلقيان عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق : 17 ، 18 ] ويقال : لكل إنسان خمسة من الملائكة : اثنان بالليل ، واثنان بالنهار ، والخامس لا يفارقه لا ليلاً ولا نهاراً .

وقوله تعالى : { حتى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الموت } يعني : حضر أحدكم الوفاة عند انقضاء أجله { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } يعني : ملك الموت وأعوانه { وَهُمْ لاَ يُفَرّطُونَ } يعني : لا يؤخرون طرفة عين . قرأ حمزة { توفيه } بلفظ التذكير بالإمالة . وقرأ الباقون : { الموت تَوَفَّتْهُ } بلفظ التأنيث . لأن فعل الجماعة إذا تقدم على الاسم جاز أن يذكر ويؤنث . ويقال : معه سبعون من ملائكة الرحمة وسبعون من ملائكة العذاب ، فإذا قبض نفساً مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالثواب ، ويصعدون بها إلى السماء . وإذا قبض نفساً كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب ، فيبشرونها بالعذاب ، ويفزعونها ، ثم يصعدون بها إلى السماء ، ثم ترد إلى سجّين ، وروح المؤمن إلى عليين