الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ} (61)

{ حَفَظَةً } ملائكة حافظين لأعمالكم وهم الكرام الكاتبون . وعن أبي حاتم السجستاني أنه كان يكتب عن الأصمعي كل شيء يلفظ به من فوائد العلم ، حتى قال فيه : أنت شبيه الحفظة ، تكتب لغط اللفظة : فقال أبو حاتم : وهذا أيضاً مما يكتب .

فإن قلت : الله تعالى غنيّ بعلمه عن كتبة الملائكة ، فما فائدتها ؟ قلت : فيها لطف للعباد ، لأنهم إذا علموا أن الله رقيب عليهم والملائكة الذين هم أشرف خلقه موكلون بهم يحفظون عليهم أعمالهم ويكتبونها في صحائف تعرض على رؤوس الأشهاد في مواقف القيامة ، كان ذلك أزجر لهم عن القبيح وأبعد عن السوء { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } أي استوفت روحه وهم ملك الموت وأعوانه . وعن مجاهد : جعلت الأرض له مثل الطست يتناول من يتناوله . وما من أهل بيت إلاّ ويطوف عليهم في كل يوم مرّتين . وقرىء : «توفاه » ، ويجوز أن يكون ماضياً ومضارعاً بمعنى تتوفاه . و { يُفَرّطُونَ } بالتشديد والتخفيف ، فالتفريط التواني والتأخير عن الحدّ ، والإفراط مجاوزة الحدّ أي لا ينقصون مما أمروا به أو لا يزيدون فيه .