فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ} (61)

قوله : { وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ } المراد : فوقية القدرة والرتبة كما يقال : السلطان فوق الرعية ، وقد تقدّم بيانه في أوّل السورة . قوله : { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم ، ومنه قوله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين } والمعنى : أنه يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم ، والحفظة جمع حافظ ، مثل كتبة جمع كاتب { وَعَلَيْكُمْ } متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستيلاء ، وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه ، وأنه أمر حقيق بذلك . وقيل هو متعلق بحفظة .

قوله : { حتى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } حتى يحتمل أن تكون هي الغائية ، أي ويرسل عليكم حفظة يحفظون ما أمروا بحفظه مما يتعلق بكم { حتى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الموت } ويحتمل أن تكون الابتدائية . والمراد بمجيء الموت : مجيء علاماته . وقرأ حمزة «توفاه رسلنا » وقرأ الأعمش «تتوفاه » والرسل : هم أعوان ملك الموت ، ومعنى توفته : استوفت روحه : { لاَ يُفَرّطُونَ } أي لا يقصرون ويضيعون ، وأصله من التقدّم ، وقال أبو عبيدة : لا يتوانون . وقرأ عبيد بن عمير «لا يفرطون » بالتخفيف ، أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة .

/خ61