فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ} (61)

{ وهو القاهر فوق عباده } قيل المراد فوقية القدرة والرتبة كما يقال السلطان فوق الرعية أي العالي عليهم بقدرته لأن كل من قهر شيئا وغلبه فهو مستعل عليه بالقهر ، والمعنى أنه هو الغالب المتصرف في أمورهم لا غيره يفعل بهم ما يشاء إيجادا وإعداما وإحياء وإماتة وإثابة وتعذيبا إلى غير ذلك ، وقيل هو تكييف ولا تأويل ولا تعطيل أي فوقية تليق بحاله وهو الحق ، وقد تقدم بيانه في أول السورة .

{ ويرسل عليكم حفظة } أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم ، ومنه قوله تعالى : { وإن عليكم لحافظين } والمعنى أن يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم ، قال السدي : هم المعقبات من الملائكة يحفظونه ويحفظون عمله ، والحفظة جمع حافظ مثل كتبة جمع كاتب ، وعليكم متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستعلاء وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه وأنه أمر حقيق بذلك ، وقيل هو متعلق بحفظه .

{ حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا } يحتمل أن يكون حتى للغاية ويحتمل أن تكون للابتداء ، والمراد بمجيء الموت مجيء علامته ، والرسل هم أعوان ملك الموت من الملائكة ، قاله ابن عباس ، ومعنى توفته استوفت روحه وقيل المراد ملك الموت وحده ، وإنما ذكر بلفظ الجمع تعظيما له .

{ وهم لا يفرطون } أي لا يقصرون ولا يضيعون وأصله من التقدم ، وقال أبو عبيدة : لا يتوانون وقرئ لا يفرطون بالتخفيف أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة .