فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ} (6)

ثم بين سبحانه ذلك فقال { خلق من ماء دافق } والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر ، والماء هو المني والدفق الصب ، يقال دفقت الماء أي صببته ويقال { ماء دافق } أي مدفوق مثل { عيشة راضية } أي مرضية .

قال الفراء والأخفش أي مصبوب في الرحم ، قال الفراء وأهل الحجاز يجعلون الفاعل بمعنى المفعول في كثير من كلامهم كقولهم سر كاتم أي مكتوم وهم ناصب أي منصوب وليل نائم ونحو ذلك .

قال الزجاج : من ماء ذي اندفاق يقال دارع وقايس ونابل أي ذو درع وقوس ونبل ، يعني من صيغ النسب كلابن وتامر ، وهو صادق على الفاعل والمفعول أو هو مجاز في الإسناد ، فأسند إلى الماء ما لصاحبه مبالغة أو هو استعارة مكنية وتخييلية أو مصرحة بجعله دافقا لأنه لتتابع قطراته كأنه يدفق بعضه بعضا أي يدفعه كما أشار له ابن عطية .

وأراد سبحانه ماء الرجل والمرأة لأن الإنسان مخلوق منهما لكن جعلهما ماء واحد لامتزاجهما .