الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (126)

أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابيتها ، فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها " .

وأخرج مسلم وابن جرير عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم حرم مكة ، وإني أحرم ما بين لابتيها " .

وأخرج أحمد عن أبي قتادة " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى بأرض سعد بأرض الحرة عند بيوت السقيا ، ثم قال : اللهم إن إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكة ، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك إبراهيم بمكة ، أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم ، اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما بها من وراء خم ، اللهم إني حرمت ما بين لا بتيها كما حرمت على لسان إبراهيم الحرم " .

وأخرج البخاري ومسلم عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على المدينة فقال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما أحرم به إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم " .

وأخرج مسلم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك ، وأنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ، ومثله معه " .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة ، وأنا محمد عبدك ورسولك ، وإني أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثل ما باركت لأهل مكة ، واجعل مع البركة بركتين " .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها ، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم مكة " .

وأخرج البخاري والجندي في فضائل مكة عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة ، وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك إبراهيم لأهل مكة " .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة " .

وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن محمد بن الأسود . أن إبراهيم عليه السلام هو أول من نصب أنصاب الحرم ، أشار له جبريل إلى مواضعها .

وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : إن في السماء لحرما على قدر حرم مكة .

وأخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ستة لعنتهم وكل نبي مجاب . الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه ، والمستحل لحرم الله " .

وأخرج البخاري تعليقا وابن ماجه عن صفية بنت شيبة قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال : يا أيها الناس إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يأخذ لقطتها إلا منشد ، فقال العباس : إلا الإذخر فإنه للبيوت والقبور . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر " .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر ، ووضع هذين الأخشبين فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها . قال العباس إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر " .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال " لما فتح الله على رسوله مكة قام فيهم ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين ، وإنما أحلت لي ساعة من النهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، لا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقمتها إلا لمنشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، أما أن يفدى وأما أن يقتل . فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال له : يا رسول الله اكتب لي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لأبي شاه . فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتا : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر " .

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مكة حرم حرمها الله ، لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها " .

وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن الزهري في قوله { رب اجعل هذا البلد آمنا } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الناس لم يحرموا مكة ولكن الله حرمها فهي حرام إلى يوم القيامة ، وإن من أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم ، ورجل قتل غير قاتله ، ورجل أخذ بذحول الجاهلية " .

وأخرج الأزرقي عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش .

وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : إن هذا الحرم حرم مناه من السموات السبع والأرضين السبع ، وإن هذا البيت رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت وفي كل أرض بيت ، ولو وقعن وقعن بعضهن على بعض .

وأخرج الأزرقي عن الحسن قال : البيت بحذاء البيت المعمور ، وما بينهما بحذائه إلى السماء السابعة ، وما أسفل منه بحذائه إلى الأرض السابعة حرام كله .

وأخرج الأزرقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : البيت المعمور الذي في السماء يقال له الصراخ ، وهو على بناء الكعبة يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم تزره قط ، وأن للسماء السابعة لحرما على منى حرم مكة .

وأخرج ابن سعد والأزرقي عن ابن عباس قال : أول من نصب أنصاب الحرم إبراهيم عليه السلام يريه ذلك جبريل عليه السلام ، فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها .

وأخرج الأزرقي عن حسين بن القاسم قال : سمعت بعض أهل العلم يقول : إنه لما خاف آدم على نفسه من الشيطان استعاذ بالله ، فأرسل الله ملائكته حفوا بمكة من كل جانب ووقفوا حواليها قال : فحرم الله الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت . قال : ولما قال إبراهيم عليه السلام : ربنا أرنا مناسكنا نزل إليه جبريل ، فذهب به فأراه المناسك ووقفه على حدود الحرم ، فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام ويحثي عليها التراب ، فكان جبريل يقفه على الحدود . قال : وسمعت أن غنم إسماعيل كانت ترعى في الحرم ولا تجاوزه ولا تخرج ، فإذا بلغت منتهاه من ناحية رجعت صابة في الحرم .

وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال " إن إبراهيم عليه السلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام ، ثم لم تحرك حتى كان قصي فجددها ، ثم لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث عام الفتح تميم بن أسد الخزاعي فجددها " .

وأخرج البزار والطبراني عن محمد بن الأسود بن خلف عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم . . . " .

وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : أيها الناس إن هذا البيت لاق ربه فسائله عنكم ، ألا فانظروا فيما هو سائلكم عنه من أمره ، ألا واذكروا الله إذ كان أحدكم ساكنه ، لا تسفكون فيه دماء ولا تمشون فيه بالنميمة " .

وأخرج البزار عن عبد الله بن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنفر من قريش وهم جلوس بفناء الكعبة فقال : انظروا ما تعملون فيها فإنها مسئولة عنكم فتخبر عن أعمالكم ، واذكروا إذ ساكنها من لا يأكل الربا ولا يمشي بالنميمة " .

وأخرج الأزرقي عن أبي نجيح قال : لم يكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن الغرق .

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جويرية بن أسماء عن عمه قال : حججت مع قوم ، فنزلنا منزلا ومعنا امرأة ، فانتبهت وحية عليها لا تضرها شيئا حتى دخلنا أنصاب الحرم فانسابت ، فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا ، حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها فيه الحية وهو المنزل الذي نزلنا ، فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها ، ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات ، فنهشنها حتى بقيت عظاما ، فقلت لجارية كانت لها : ويحك أخبرينا عن هذه المرأة ؟ ! قال : بغت ثلاث مرات كل مرة تلد ولدا ، فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه .

وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : من أخرج مسلما من ظله في حرم الله من غير ضرورة أخرجه الله من ظل عرشه يوم القيامة .

وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن عبد الله بن الزبير قال : إن كانت الأمة من بني إسرائيل لتقدم مكة ، فإذا بلغت ذا طوى خلعت نعالها تعظيما للحرم .

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان يحج من بني إسرائيل مائة ألف ، فإذا بلغوا أنصاب الحرم خلعوا نعالهم ثم دخلوا الحرم حفاة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : كانت الأنبياء إذا أتت علم الحرم نزعوا نعالهم .

وأخرج الأزرقي وابن عساكر عن ابن عباس قال : حج الحواريون فلما دخلوا الحرم مشوا تعظيما للحرم .

وأخرج الأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط قال " لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينطلق إلى المدينة استلم الحجر وقام وسط المسجد والتفت إلى البيت فقال : إني لأعلم ما وضع الله في الأرض بيتا أحب إليه منك ، وما في الأرض بلد أحب إليه منك ، وما خرجت عنك رغبة ولكن الذين كفروا هم أخرجوني " .

وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة " أما والله إني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على الله ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " .

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة " ما أطيبك وأحبك إلي ، ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك " .

وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والأزرقي والجندي عن عبد الله بن عدي بن الحمراء قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته واقف بالحزورة يقول لمكة : والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أخرجت منك ما خرجت " .

وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : كان بمكة حي يقال لهم العماليق ، فكانوا في عز وثروة وكثرة ، فكانت لهم أموال كثيرة من خيل وإبل وماشية ، فكانت ترعى مكة وما حواليها من مر ونعمان وما حول ذلك ، فكانت الحرف عليهم مظلة ، والأربعة مغدقة ، والأودية بحال ، والعضاه ملتفة ، والأرض مبقلة ، فكانوا في عيش رخى ، فلم يزل بهم البغي والإسراف على أنفسهم بالظلم والجهار بالمعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى سلبهم الله ذلك ، فنقصهم بحبس المطر وتسليط الجدب عليهم ، وكانوا يكرون بمكة الظل ويبيعون الماء ، فأخرجهم الله من مكة بالذي سلطه عليهم حتى خرجوا من الحرم فكانوا حوله ، ثم ساقهم الله بالجدب يضع الغيث أمامهم ويسوقهم بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رؤوس آبائهم ، وكانوا قوما غرباء من حمير ، فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا ، فأبدل الله الحرم بعدهم جرهم ، فكانوا سكانه حتى بغوا فيه واستخفوا بحقه ، فأهلكهم الله جميعا .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : كان إذا كان الموسم بالجاهلية خرجوا ، فلم يبق أحد بمكة ، وأنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب ثم دخل ليأخذ أيضا ، فلما أدخل رأسه سرة البيت فوجدوا رأسه في البيت واسته خارجه ، فألقوه للكلاب وأصلحوا البيت .

وأخرج الأزرقي والطبراني عن حويطب بن عبد العزى قال : كنا جلوسا بفناء الكعبة في الجاهلية ، فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها ، فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست يده ، فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل .

وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : الحطيم ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر ، وكان أساف ونائلة رجلا وامرأة دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا حجرين ، فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم ونصب الآخر في وجه الكعبة ليعتبر بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا ، فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان ويستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم ، فقل من دعا هنالك على ظالم إلا هلك وقل من حلف هنالك آثما إلا عجلت عليه العقوبة ، وكان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم ويتهيب الناس الإيمان هنالك ، فلم يزل ذلك كذلك حتى جاؤ الله بالإسلام ، فأخر الله ذلك لما أراد إلى يوم القيامة .

وأخرج الأزرقي عن أيوب بن موسى . أن امرأة كانت في الجاهلية معها ابن عم لها صغير تكسب عليه ، فقالت له : يا بني إني أغيب عنك ، وإني أخاف عليك أن يظلمك ظالم ، فإن جاءك ظالم بعدي فإن لله بيتا لا يشبهه شيء من البيوت ولا يقاربه مفاسد وعليه ثياب ، فإن ظلمك ظالم يوما فعذبه فإن له ربا يسمعك . قال : فجاءه رجل فذهب به فاسترقه ، فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى تعلق بالبيت ، وجاءه سيده فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده ، فمد الأخرى فيبست ، فاستفتى في الجاهلية فافتي ينحر عن كل واحدة من يديه بدنة ، ففعل فانطلقت له يداه وترك الغلام وخلى سبيله .

وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال : غدا رجل من بني كنانة من هذيل في الجاهلية على ابن عم له يظلمه واضطهده ، فناشده بالله والرحم فابى إلا ظلمه ، فلحق بالحرم فقال : اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر على فلان ابن عمي لترمينه بداء لا دواء له . قال : ثم انصرف فوجد ابن عمه قد رمي في بطنه فصار مثل الزق ، فمازالت تنتفخ حتى اشتق ، قال عبد المطلب : فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال : رأيت رجلا دعا على ابن عم له بالعمى فرأيته يقاد أعمى .

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب أنه قال : يا أهل مكة اتقوا الله في حرمكم هذا ، أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم ؟ كان فيه بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا ، وبنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا ، حتى عد ما شاء ثم قال : والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة .

وأخرج الجندي عن طاوس قال : إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجل لهم ، ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك .

وأخرج الأزرقي والجندي وابن خزيمة عن عمر بن الخطاب ، أنه قال لقريش : إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم ، فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ، ثم ولى بعدهم جرهم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ، فلا تهاونوا به وعظموا حرمته .

وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطئ سبعين خطيئة مزكية أحب إلي من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة .

وأخرج الجندي عن مجاهد قال : تضعف بمكة السيئات كما تضعف الحسنات .

وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : بلغني أن الخطيئة بمكة مائة خطيئة ، والحسنة على نحو ذلك .

وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته ، خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت المقدس ، ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقا واحدا " .

أما قوله تعالى : { وارزق أهله من الثمرات }

أخرج الأزرقي عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم " لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من فلسطين " .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي قال : بلغني أنه لما دعا إبراهيم للحرم { وارزق أهله من الثمرات } نقل الله الطائف من فلسطين .

وأخرج ابن أبي حاتم والأزرقي عن الزهري قال : إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام .

وأخرج الأزرقي عن سعيد بن المسيب بن يسار قال : سمعت بعض ولد نافع بن جبير بن مطعم وغيره . يذكرون أنهم سمعوا : أنه لما دعا إبراهيم بمكة أن يرزق أهله من الثمرات نقل الله أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقا للحرم .

وأخرج الأزرقي عن محمد بن كعب القرظي قال : دعا إبراهيم للمؤمنين وترك الكفرا لم يدع لهم بشيء فقال { ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير } .

وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد في قوله :{ وارزق أهله من الثمرات من آمن } قال : استرزق إبراهيم لمن آمن بالله وباليوم الآخر قال الله : ومن كفر فأنا أرزقه .

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :{ من آمن منهم بالله } قال : كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون الناس ، فأنزل في قوله { ومن كفر } أيضا فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين ، أخلق خلقا لأرزقهم { أمتعهم قليلا ثم أضطرهم إلى عذاب النار } ثم قرأ ابن عباس ( كلا نمد هؤلاء ) ( الإسراء الآية 20 ) الآية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال أبي بن كعب في قوله :{ ومن كفر } : إن هذا من قول الرب قال { ومن كفر فأمتعه قليلا } وقال ابن عباس : هذا من قول إبراهيم يسأل ربه إن من كفر فأمتعه قليلا . قلت : كان ابن عباس يقرأ { فأمتعه } بلفظ الأمر ، فلذلك قال هو من قول إبراهيم .