بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (126)

قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا } ، يعني الحرم . { وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات } ، فاستجاب الله تعالى دعاءه ، فتحمل الثمار إلى مكة من كل جهة ، فيوجد فيها في كل وقت من كل نوع واشترط إبراهيم في دعائه فقال : { مِنَ الثمرات مَنْ آمَنَ مِنْهُم بالله } . وإنما اشترط هذا الشرط ، لأنه قد سأل ربه الإمامة لذريته ، فلم يستجب له في الظالمين ، فخشي إبراهيم أن يكون أمر الرزق هكذا ، فسأل الرزق للمؤمنين خاصة ، فأخبره الله تعالى : أنه يرزق الكافر والمؤمن ، وأن أمر الرزق ليس كأمر الإمامة . قالوا : لأن الأمامة فضل ، والرزق عدل ، فالله تعالى يعطي بفضله من يشاء من عباده من كان أهلاً لذلك ، وعدله لجميع الناس لأنهم عباده ، وإن كانوا كفاراً . فذلك قوله تعالى : { قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً } ، قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام «فَأُمَّتِعَهُ » بالتخفيف من أمتعت ، وقرأ الباقون بالتشديد من متَّعت ، يعني سأرزقه في الدنيا يسيراً { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } أي مصيره ، ويقال : ملجأه { إلى عَذَابِ النار وَبِئْسَ المصير } صاروا إليه .