الآية 126 وقوله تعالى : { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا } قد ذكرنا الوجه{[1475]} في قوله { وأمنا } .
وقوله : { وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر } لما علم أن المكان ليس بمكان ثمر ولا عشب دعا ، وسأل ربه أن يرزق أهله عطفا على أهله وعلى كل من ينتاب إليه من الآفاق . ثم خص المؤمنين بذلك لوجوه :
احدها : أنه لما أمرهما بتطهير البيت من الأصنام والأوثان ظن أنه لا يجعل لسوى أهل الإيمان هنالك مقاما ، فخصهم{[1476]} بالدعاء وسؤال الرزق .
والثاني : أنه أراد أن يجعل آية من آيات الله ليرغب الكفار إلى دين الله ، فيصيروا أمة واحدة ، [ فكان كقوله : ]{[1477]} { لجعلنا لمن يكفر بالرحمان }الآية [ الزخرف : 33 ] .
ووجه آخر : قيل لما كان قيل له { لا ينال عهدي الظالمين } [ البقرة : 124 ] فلعله خشي أن يخرج ذلك مخرج المعونة لهم على ما فيه العصيان . وفي ذلك أن لا بأس ببيع الطعام من الكفرة ، ولا يصير ذلك كالمعونة على ما هم عليه . ويحتمل الدعاء المبهم للكفرة القبيح{[1478]} إذ ذلك اسم من يعبد غير الله .
وقوله : { ومن كفر فأمتعه قليلا } بالنعم{[1479]} لأن الدنيا دار محنة لا توجب النظر إلى المستحق للنعم من غير المستحق ولا إلى الولي من العدو في الدنيا . وأما الآخرة فهي دار جزاء ليست بدار محنة ، فتوجب النظر إلى المستحق . ومعنى قوله : { قليلا } لأن الدنيا كلها{[1480]} قليل . ثم{[1481]} الامتحان على وجهين : امتحان بالنعم وامتحان بالشدائد . وقد قرئ ( فأمتعه ) على معنى دعاء إبراهيم عليه السلام { ومن كفر فأمتعه قليلا } بالجزم{[1482]} .
فإن قيل : لم لا كان تفاضل الامتحان بتفاضل النعم ؟ وإنما يعقل فضل الامتحان بفضل العقل ، ويعلم أن المؤمن هو المفضل بالعقل ، كيف لا وقع فضل ما به يمتحن وهو النعم ؟ [ نقل : إن ]{[1483]} : العقل الذي به [ يدرك الحق واحد ، ثم العقل الذي به ]{[1484]} يمتحن واحد ؛ فهما متساويان في ما فيه درك الحق . إلا{[1485]} أن أحدهما يدركه ، فيتبعه ، والآخر يدركه ، فيعانده ، فهو من حيث معرفته ذو عقل أعرض عنه فسمي معاندا ؛ إذ من لا عقل له يسمى مجنونا .
وقوله : { ثم أضطره إلى عذاب النار } ذكر الاضطرار ، وهو كقوله : { خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم } [ الدخان : 47 ] وهو السوق ، وكقوله{[1486]} : { ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا } [ مريم : 86 ] ؛ إنهم يساقون إليها ، ويدعون ، لا إنهم يأتونها{[1487]} طوعا واختيارا .
وقوله : { وبئس المصير } أي بئس ما صاروا إليه ]{[1488]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.