الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (126)

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا } يعني مكّة أو الحرم . { بَلَداً آمِناً } أي مأموناً فيه يأمن أهله . { وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } قال الأخفش : من آمن بدل من أهله على البيان ، كما يُقال : أخذت المال ثلثيه ورأيت القوم ناساً منهم ، وهذا ابدال البعض من الكلّ كقوله : { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [ آل عمران : 97 ] . { قَالَ } الله . { وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً } فسأرزقه اّلى منتهى أجله لأنه تعالى وعد الرزق للخلق كافة كافرهم ومؤمنهم وقيد بالقلة لأن متاع الدنيا قليل . قرأ معاوية وابن عامر : فامتعه بضم الألف وجزم الميم خفيفة ، وقرأ أُبي : فنمتعه قليلاً ثمّ نضطره بالنون . { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } موصولة الألف مفتوحة الراء على عهد الدُّعاء من إبراهيم عليه السلام ، وقرأ الباقون : فأُمتعه بضم الألف مشددّة ثمَّ اضطره على الخبر أيّ الجنة في الآخرة { إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أيّ المرجع تصير إليه .