الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (126)

وقوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا }[ البقرة :126 ] . أيْ من الجبابرة ، والعدُوِّ المستأصل ، وروي أن اللَّه تعالى ، لما دعاه إِبراهيم أمر جبريل فاقتلع فِلَسْطِينَ ، وقيل : بقعة من الأرْدُن ، فطاف بها ، حَوْلَ البيتِ سبْعاً ، وأنزلها بِوَج ، فسمِّيت الطَّائِفَ بسبب الطواف .

وقوله تعالى : { قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً . . . } [ البقرة :126 ] .

قال أبيُّ بن كَعْب ، وابن إسحاقَ ، وغيرهما : هذا القَوْلُ من اللَّه عزَّ وجلَّ لإِبراهيم ، وقال ابنُ عَبَّاس وغيره : هذا القول من إِبراهيم .

قال : ( ع ) فكأنَّ إِبراهيم دعا للمؤمنين ، وعلى الكافرين ، وفي «مختصر الطبريِّ » وقرأ بعضهم ، ( فأُمْتِعْهُ ) بالجزم والقَطْع على الدعاء ، ورآه دعاءً من إِبراهيم ، وروي ذلك عن أبي العالية ، كان ابنُ عبَّاس يقول : ذلك قولُ إبراهيم ، سأل ربَّه أنَّ من كَفَر به ، { فأمتعه قليلاً } ، يقول : فارزقه قليلاً ، { ثم أضطره إِلى عذاب النارِ }[ البقرة :126 ] أي : أَلْجِئْهُ ، انتهى . وعلى هذِهِ القراءةِ يجيءُ قولُ ابن عبَّاس ، لا على قراءة الجمهور ، و{ قَلِيلاً } معناه : مُدَّة العُمُر ، لأن متاع الدنيا قليلٌ .