الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞وَأَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (83)

( ت ) : وقوله سبحانه : { وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين } [ الأنبياء : 83 ] . هذا الاسم المُبَارَكُ مناسب لحال أَيُّوبَ عليه السلام ، وقد روى أسامة بن زيد ( رضي اللَّه عنه ) أَنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ لِلَّهِ تعالى مَلَكاً مُوَكَّلاً بِمَنْ يَقُولُ : يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينٍ ، فَمَنْ قَالَهَا ثَلاَثاً ، قَالَ لَهُ المَلَكُ : إنَّ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكَ ؛ فَاسْأَلْ ) رواه الحكام في «المَسْتَدْرَكِ » ، وعن أنس بن مالك ( رضي اللَّه عنه ) قال : ( مَرَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : سَلْ فَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْكَ ) رواه الحاكم ، انتهى من «السلاح » . وفي قصص أيوبَ عليه السلام طُولٌ واختلاف ، وتلخيصُ بعض ذلك : أَنَّ أيوبَ عليه السلام أصابه اللَّه تعالى بأكلة في بدنه ، فلما عَظُمَتْ ، وتقطَّع بدنه ، أخرجه الناس من بينهم ، ولم يبقَ معه غيرُ زوجته ، ويقال : كانت بنتَ يوسفَ الصديق عليه السلام قيل : اسمها رحمة ، وقيل في أيوب : إنَّه من بني إسرائيل وقيل : إنه من «الروم » من قرية «عيصو » ، فكانت زوجته تسعى عليه ، وتأْتيه بما يأكل ، وتقوم عليه ، ودامَ عليه ضُرُّهُ مدَّة طويلة ، وروي أَنَّ أيوب ( عليه السلام ) لم يزل صابراً شاكراً ، لا يدعو في كشف ما به ، حتى إنَّ الدودة تسقط منه فيردها ، فمرَّ به قوم كانوا يعادونه فشمتوا به .