فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (134)

والسراء : اليسر ، والضراء : العسر . وقد تقدّم تفسيرهما ، وقيل السراء : الرخاء ، والضراء : الشدّة ، وهو مثل الأول ، وقيل : السراء في الحياة ، والضراء بعد الموت .

قوله : { والكاظمين الغيظ } يقال : كظم غيظه : أي : سكت عليه ، ولم يظهره ، ومنه كظمت السقاء : أي : ملأته . والكظامة : ما يسد به مجرى الماء ، وكظم البعير جرّته : إذا ردّها في جوفه ، وهو عطف على الموصول الذي قبله . قوله : { والعافين عَنِ الناس } أي : التاركين عقوبة من أذنب إليهم ، واستحق المؤاخذة ، وذلك من أجل ضروب الخير وظاهره العفو عن الناس سواء كانوا من المماليك أم لا .

وقال الزجاج وغيره : المراد بهم المماليك . واللام في { المحسنين } يجوز أن تكون للجنس ، فيدخل فيه كل محسن من هؤلاء ، وغيرهم ، ويجوز أن تكون للعهد ، فيختص بهؤلاء ، والأوّل أولى اعتباراً بعموم اللفظ لا بخصوص السياق ، فيدخل تحته كل من صدر منه مسمى الإحسان ، أيّ : إحسان كان .

/خ136