الأمنة ، والأمن سواء ، وقيل : الأمنة إنما تكون مع أسباب الخوف ، والأمن مع عدمه ، وهي منصوبة بأنزل . و { نعاساً } بدل منها ، أو عطف بيان ، أو مفعول له ، وأما ما قيل : من أن { أمنة } حال من { نعاساً } مقدّمة عليه ، أو حال من المخاطبين ، أو مفعول له ، فبعيد . وقرأ ابن محيصن : «أمنة » بسكون الميم . قوله : { يغشى } قرئ بالتحتية على أن الضمير للنعاس ، وبالفوقية على أن الضمير لأمنة ، والطائفة : تطلق على الواحد ، والجماعة ، والطائفة الأولى : هم المؤمنون الذين خرجوا للقتال طلباً للأجر ، والطائفة الأخرى هم : مُعَتِّب بن قشير ، وأصحابه ، وكانوا خرجوا طمعاً في الغنيمة ، وجعلوا يناشدون على الحضور ، ويقولون الأقاويل . ومعنى : { أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } حملتهم على الهمّ ، أهمني الأمر : أقلقني ، والواو في قوله : { وَطَائِفَةٌ } للحال ، وجاز الابتداء بالنكرة لاعتمادها على واو الحال ، وقيل : إن معنى { أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } صارت همهم لا همّ لهم غيرها . { يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق } هذه الجملة في محل نصب على الحال ، أي : يظنون بالله غير الحق الذي يجب أن يظن به ، وظنّ الجاهلية بدل منه . وهو : الظنّ المختص بملة الجاهلية ، أو ظن أهل الجاهلية ، وهو ظنهم أن أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم باطل ، وأنه لا ينصر ، ولا يتمّ ما دعا إليه من دين الحق .
وقوله : { يَقُولُونَ } بدل من «يظنون » ، أي : يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : { هَل لنَا مِنَ الأمر مِن شيء } أي : هل لنا من أمر الله نصيب ، وهذا الاستفهام معناه الجحد ، أي : ما لنا شيء من الأمر . وهو النصر والاستظهار على العدوّ ، وقيل : هو الخروج ، أي : إنما خرجنا مكرهين ، فردّ الله سبحانه ذلك عليهم بقوله : { قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ } وليس لكم ، ولا لعدوّكم منه شيء ، فالنصر بيده ، والظفر منه . وقوله : { يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم } أي : يضمرون في أنفسهم النفاق ، ولا يبدون لك ذلك ، بل يسألونك سؤال المسترشدين . وقوله : { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيءٌ ما قُتِلْنَا هاهنا } استئناف ، كأنه قيل : ما هو الأمر الذي يخفون في أنفسهم ؟ فقيل : يقولون فيما بينهم ، أو في أنفسهم { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيءٌ ما قُتِلْنَا هاهنا } أي : ما قتل من قتل منا في هذه المعركة ، فردّ الله سبحانه ذلك عليهم بقوله : { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ } أي : لو كنتم قاعدين في بيوتكم لم يكن بدّ من خروج من كتب عليه القتل إلى هذه المصارع التي صرعوا فيها ، فإن قضاء الله لا يردّ .
وقوله : { وَلِيَبْتَلِىَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ } علة لفعل مقدر قبلها معطوفة على علل له أخرى مطوية للإيذان بكثرتها ، كأنه قيل : فعل ما فعل لمصالح جمة { وَلِيَبْتَلِىَ } الخ ، وقيل : إنه معطوف على علة مطوية لبرز ، والمعنى : ليمتحن ما في صدوركم من الإخلاص ، وليمحص ما في قلوبكم من وساوس الشيطان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.