قوله : { إِذْ تُصْعِدُونَ } متعلق بقوله : { صَرَفَكُمْ } أو بقوله : { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } أو بقوله : { لِيَبْتَلِيَكُمْ } وقرأه الجمهور بضمّ التاء ، وكسر العين ، وقرأ أبو رجاء العطاردي ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، والحسن ، وقتادة بفتح التاء ، والعين . وقرأ ابن محيصن ، وقنبل : «يصعدون » بالتحتية . قال أبو حاتم : أصعدت : إذا مضيت حيال وجهك ، وصعدت إذا ارتقيت في جبل ، فالإصعاد : السير في مستوى الأرض ، وبطون الأودية ، والصعود : الارتفاع على الجبال ، والسطوح ، والسلالم ، والدرج ، فيحتمل أن يكون صعودهم في الجبل بعد إصعادهم في الوادي ، فيصح المعنى على القراءتين . وقال القتيبي : أصعد : إذا أبعد في الذهاب ، وأمعن فيه ، ومنه قول الشاعر :
ألا أيها ذا السَائِلي أيْنَ أصْعدت *** فِإنَ لَها من بَطِن يَثرِبَ مَوْعِدا
وقال الفراء : الإصعاد : الابتداء في السفر ، والانحدار : الرجوع منه ، يقال : أصعدنا من بغداد إلى مكة ، وإلى خراسان ، وأشباه ذلك : إذا خرجنا إليها ، وأخذنا في السفر ، وانحدرنا : إذا رجعنا . وقال المفضل : صعد ، وأصعد بمعنى واحد . ومعنى : { تَلْوُونَ } تعرجون ، وتقيمون ، أي : لا يلتفت بعضكم إلى بعض هرباً ، فإن المعرج إلى الشيء يلوي إليه عنقه أو عنق دابته : { على أَحَدٍ } أي : على أحد ممن معكم ، وقيل : على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرأ الحسن : «تلون » بواو واحدة ، وقرأ عاصم في رواية عنه بضم التاء ، وهي لغة . قوله : { والرسول يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ } أي : في الطائفة المتأخرة منكم ، يقال جاء فلان في آخر الناس ، وآخرة الناس ، وأخرى الناس ، وأخريات الناس . وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " أي عباد الله ارجعوا " قوله : { فأثابكم } عطف على صرفكم ، أي : فجازاكم الله غماً حين صرفكم عنه بسبب غمّ أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم ، أو غماً موصولاً بغمّ بسبب ذلك الإرجاف ، والجرح ، والقتل ، وظفر المشركين ، والغمّ في الأصل : التغطية ، غميت الشيء : غطيته ، ويوم غمّ ، وليلة غمة : إذا كانا مظلمين ، ومنه : غمّ الهلال ، وقيل : الغمّ الأول : الهزيمة ، والثاني : [ إشراف أبي هريرة ] وخالد بن الوليد عليهم في الجبل .
قوله : { لكَيْلاَ تَحْزَنُواْ } اللام متعلقة بقوله : { فأثابكم } أي : هذا الغمّ بعد الغمّ لكيلا تحزنوا على ما فات من الغنيمة ، ولا ما أصابكم من الهزيمة ، تمريناً لكم على المصائب ، وتدريباً لاحتمال الشدائد . وقال المفضل : معنى : { لكَيْلاَ تَحْزَنُوا } لكي تحزنوا ، و «لا » زائدة كقوله تعالى : { مَا مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ } [ الأعراف : 12 ] أي : أن تسجد ، وقوله : { لئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب } [ الحديد : 29 ] أي : ليعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.