{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا } الآية . نزلت في طعمة بن الأبرق سارق الدرع وقد مرّت قصته في سورة النساء .
والسبب في وجه رفعهما . فقال بعضهم : هو رفع بالإبتداء ، وخبره فيما بعد . وقال بعضهم : هو على معنى الجزاء ، تقديره من سرق فاقطعوا أيديهما الآية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة . ولو أراد سارقاً وزانياً بعينهما لكان وجه الكلام النصب .
وقال الأخفش : هو الرفع على الخبر وابتداء مضمر كأنه قال : مما يقص عليك ويوحى إليك والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما .
وقال أبو عبيدة : هو رفع على لغة [ . . . . ] من رفع [ . . . . ] فيقول : الصيد [ غارمه ] ، والهلال فانظر إليه ، يعني أمكنك الصيد غارمه ، وطلع الهلال فانظر إليه .
وقرأ عيسى بن عمرو : والسارق والسارقة منصوبين على إضمار إقطعوا السارق والسارقة .
ودليل الرفع قراءة عبد اللّه ، والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم ومستثناً في هذا السارق الذي عناه اللّه عز وجل بقطع يده وفي القدر الذي يقطع به يد السارق .
فقال قوم : يقطع إذا سرق عشر دراهم فصاعداً ، ولا يقطع فيما دون ذلك .
وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه واحتجوا بما روى عطاء ومجاهد عن أيمن بن أم أيمن قال : يقطع السارق في ثمن المجن وكان ثمن المجن على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ديناراً أو عشرة دراهم .
وروى أيّوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال : كان ثمن المجن على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم .
وروى عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : أدنى قيمة عن المجن هو ثمن المجن عشرة دراهم .
قال سليمان بن يسار : لا يقطع الخمس إلاّ بالخمس .
واستدل بما روى سفيان عن عبد اللّه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في قيمة خمسة دراهم " .
وروى سفيان عن عيسى عن الشعبي عن عبد الله " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قطع في خمسة دراهم " .
وروى شعبة عن داود بن ( فراهج ) قال : سمعت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري قالا : تقطع الكف في أربعة دراهم فصاعداً ، ولا تقطع في ثلاثة دراهم فصاعداً .
واحتج بما روى عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً في مجن ثمنه ثلاثة دراهم فقال : بعضهم يقطع في ربع دينار فصاعداً ، وهو قول الأوزاعي ، والشافعي وإسحاق الحنظلي وأبو ثور . واحتجوا بما روى سفيان عن الزهري عن حمزة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقطع في ربع دينار فصاعداً " .
وروى أبو بكر بن محمد عن عمر عن عائشة قالت : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقطع يد السارق إلاّ في ربع دينار فصاعداً " .
وقال بعضهم : يقطع سارق القليل والكثير ، ولو سرق دانق ، وهو قول ابن عباس ، قال : لأن الآية عامّة ليس خاصّة .
وقول الزبير : يروى أنه يقطع في درهم وحجّة هذا المذهب ما روى عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " .
وروى ثوبان " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بسارق سرق شملة قال : أسرقت ؟ ما أخالك سرقت ؟ قال : نعم . قال : إذهبوا به فاقطعوه . ثم اتوني به ، ففعل فقال : " ويحك تُب إلى اللّه " .
فقال : اللّهم تُب عليه " ، ثم اختلفوا في كيفيّة القطع : فقال عمرو بن دينار : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع اليد من الكوع وكان يقطع من المفصل وكان علي يقطع الكف من الأصابع والرجل من شطر القدم .
فإذا قطع ثم عاد إلى السرقة فهل يقطع أم لا ؟ قال أهل الكوفة : لا تقطع واحتجّوا بحديث عبد خير ، قال : أتى علي سارق فقطع يده ثم أتى وقطع رجله ثم أتى فضربه وحبسه وقال : إني لأستحي أن لا أدع له يداً يستنجي بها ولا رجلاً يمشي بها . وقال أهل الحجاز : يقطع ، وكان قد إحتجوا في ذلك بقوله تعالى { فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا } على الإجماع .
ويروي حماد بن سلمة عن يوسف بن سعد عن الحرث بن حاطب " أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أُتي بلصّ فقال : " أُقتلوه " فقال : يا رسول اللّه إنما سرق ، قال : " أُقتلوه " قالوا : يا رسول اللّه إنما سرق ، قال : " إقطعوا يده " . قال : ثم سرق فقطعت رجله ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق أيضاً الخامسة فقال أبو بكر : كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال اقتلوه ، ثم دفعوه إلى قبيلة من قريش ليقتلوه في عهد عبد اللّه بن الزبير وكان يحب الإمارة فقال : أمّروني عليكم فأمّروا عليه فكان إذا ضرب ضربوا حتى قتلوه " ، ثم إذا قطع السارق فهل يغرم السرقة أم لا ؟ فقال سفيان وأهل الكوفة : إذا قطع السارق فلا يغرم عليه إلاّ أن يعيد المسروق فيعيدها إلى صاحبها .
وروى المسوّر بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : " لا يغرم صاحب السرقة إذا أُقيم عليه الحد " قيل : هذا حديث مرسل أنس بن ثابت ، وقال الزهري ومالك : إذا كان السارق موسراً غُرّم .
وقال الشافعي : ثم يغرّم قيمة السرقة معسراً كان أو موسراً .
{ جَزَآءً بِمَا كَسَبَا } . نصب جزاء على الحال والقطع قاله الكسائي . وقال قطرب : على المصدر ومثله { نَكَالاً } أي عقوبة { مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
عن جعفر بن محمد قال : سمعت أبي يقول : ما سرق سارق سرقة إلاّ نقص من رزقه المكتوب له
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.