والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم( 38 ) - لما ذكر سبحانه حكم من يأخذ المال جهارا وهو المحارب ، عقبه بذكر من يأخذ المال خفية وهو السارق ، وذكر السارقة مع السارق لزيادة البيان ، لأن غالب القرآن الاقتصار على الرجال في تشريع الأحكام ، . . . والسرقة . . اسم الشيء المسروق . . . وهو أخذ الشيء في خفية من الأعين ، . . . القطع معناه الإبانة والإزالة ، وجمع الأيدي لكراهة الجمع بين تثنيتين ، وقد بينت السنة أن موضع القطع : الرسغ ، . . . والسرقة لابد أن تكون ربع دينار فصاعدا ، ولابد أن تكون من حرز كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة ، . . . . . . { جزاء بما كسبا } مفعول له ، أي : فاقطعوا للجزاء ، . . . والباء سببية ، وما مصدرية ، أي : بسبب كسبهما . . . { نكالا } بدل من { جزاء }- ( {[1750]} ) ؛ مما أورد صاحب الجامع( {[1751]} ) لأحكام القرآن ؛ فإن قيل : قد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " وهذا موافق لظاهر الآية في القطع في القليل والكثير ؛ فالجواب أن هذا خرج مخرج التحذير بالقليل عن الكثير ، كما جاء في معرض الترغيب بالقليل مجرى الكثير في قوله عليه السلام : " من بنى لله مسجدا ولو كمفحص( {[1752]} ) قطاة بنى الله له بيتا في الجنة " ؛ وقيل : إن ذلك مجاز من وجه آخر ؛ وذلك أنه إذا ضري بسرقة القليل سرق الكثير فقطعت يده ؛ وأحسن من هذا ما قاله الأعمش وذكره البخاري في آخر الحديث كالتفسير قال : كانوا يرون أنه بيض الحديد ، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم ؛ قلت : كحبال السفينة وشبه ذلك ، والله أعلم . ا ه ؛ نسبوا إلى أبي العلاء المعري أنه أورد إشكالا على الفقهاء في جعلهم نصاب السرقة ربع دينار ، فقال :
يد بخمس مئين عسجد فديت *** ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له *** وأن نعوذ بمولانا من النار
قالوا فرد عليه القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله قائلا :
عز الأمانة أغلاها ، وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
أي : لما كانت أمنية كانت ثمينة ، ولما خانت هانت ؛ { والله عزيز حكيم } وربنا الذي لا يستحق العبادة سواه يَغْلِب ولا يغلب وهو القاهر فوق عباده ، لا يمانعَ ولا يدافع ؛ ولا تفوته الحكمة ولا الصواب أبدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.