تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

1

المفردات :

أفنضرب عنكم : أنهملكم ونبعد عنكم .

الذكر : القرآن الكريم ، والذكر بمعنى الشرف ، والقرآن شرف للعرب .

صفحا : إعراضا عنكم ، وصفحا مصدر : صفح عنه يصفح ، أي : ولاه صفحة عنقه ، بمعنى أهمله وتركه .

أن كنتم : لأن كنتم .

مسرفين : مجاوزين الحد في الكفر والضلال .

التفسير :

5- { أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين } .

كان أمرا عجبا أن ينزل قرآن عربي مبين ، علي حكيم ، ثم يقابل بالإعراض والصدود من كفار مكة ، لذلك يلوّح القرآن هنا بالتهديد بأن يمسك الله عن استمرار نزول القرآن عليهم ، بسبب إسرافهم في الكفر والتكذيب .

لكنه تعالى -تفضلا منه- واصل إنزال القرآن الكريم على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ليكون مصدر هداية للمؤمنين ، وأداة إرشاد للمسترشدين ، ولتقوم الحجة على الأشقياء الكافرين .

قال قتادة : والله لو كان هذا القرآن رفع حين ردَّته أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله ردده وكرره عليهم برحمته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

قوله : { أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين } { صفحا } منصوب على المصدر . والتقدير : أفنصفح عنكم صفحا . أو لأن معنى { أفنضرب } أفنصفح{[4124]} والصفح معناه الإعراض . صفح عنه : أعرض عنه : أعرض عن ذنبه ، وضرب عنه صفحا أي أعرض عنه وتركه{[4125]} .

وفي تأويل هذه الآية أقوال كثيرة لعل أصوبها قول ابن عباس وآخرين وهو : أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به . وقيل : تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه . وقيل : أفنضرب عنكم العذاب فنترككم ونعرض عنكم لأنكم كنتم قوما مسرفين لا تؤمنون بربكم . وفي ذلك وعيد من الله للمخاطبين به من المشركين ، إذ سلكوا في تكذيب رسولهم مسلك الغابرين ، قبلهم ، أولئك الذين عصوا رسل ربهم ونكلوا عن دين الله فأخذهم الله بنكولهم وإعراضهم .


[4124]:البيان لا بن الأنباري جـ2 ص 352.
[4125]:مختار الصحاح ص 364.