تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفتح

أهداف سورة الفتح :

سورة ( الفتح ) مدنية ، نزلت في الطريق بين مكة والمدينة عند الانصراف من الحديبية ، وآياتها 29 آية ، نزلت بعد سورة الجمعة .

ونلمح في بداية السورة فضل الله على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ، وآثار نعمائه على المسلمين .

وقد سبقتها في ترتيب المصحف سورة ( محمد ) التي وصفت ظلم المشركين والمنافقين ، وحرضت المسلمين على الجهاد ، وحذرتهم من الخنوع والبعد عن طاعة الله .

وقد نزلت سورة ( محمد ) في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة ، أما سورة ( الفتح ) فقد نزلت في العام السادس من الهجرة ، وكان عود المسلمين قد اشتد ، وقوتهم قد زادت ، وظهر أثر ذلك في بيعة الرضوان التي تمت تحت الشجرة على التضحية والفداء .

صلح الحديبية :

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ذات ليلة أنه دخل المسجد الحرام في أصحابه ، آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون عدوا ، فاستبشر صلى الله عليه وسلم بذلك وأخبر أصحابه فاستبشروا وفرحوا واستعدوا لزيارة البيت الحرام معتمرين . ( وفي ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمرا لا يريد حربا ، واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه ، وهو يخشى من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت )1 . وتخلف كثير من الأعراب عن مرافقته ظنا بأن الحرب لابد واقعة بينه وبين قريش ، ( فخرج رسول الله بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من العرب ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه ، وليعلموا أنه إنما خرج زائرا للبيت ومعظما له )2 .

واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم ، وأخذ معه من نسائه أم سلمة ، وسار معه ألف وخمسمائة من المسلمين معتمرين وسيوفهم مغمدة في قربها ، فلما أصبحوا على مسيرة مرحلتين3 من مكة لقي النبي بشر بن سفيان ، فأنبأه نبأ قريش قائلا : يا رسول الله ، هذه قريش علمت بمسيرك ، فخرجوا عازمين على طول الإقامة ، وقد نزلوا بذي طوى يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا ويح قريش ، قد أكلتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس ، فإن أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله دخلوا في الإسلام وافرين ؟ والله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به ، حتى يظهره الله أو تنفرد مني هذه السالفة )4 .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يتجنب الحرب مع قريش ، لأنه خرج متنسكا معظما للبيت لا للحرب .

وأرسلت قريش مندوبين عنها ، فأعلمهم النبي أنه لم يأت محاربا ، وإنما جاء معتمرا معظما للبيت .

وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى أهل مكة ليخبرهم بمقصد المسلمين ، فقال لهم : إنا لم نأت لقتل أحد ، وإنا جئنا زوارا لهذا البيت ، معظمين لحرمته ولا نريد إلا العمرة ، فأبت قريش أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه مكة ، وأذنت لعثمان أن يطوف بالبيت ، فقال : لا أطوف ورسول الله ممنوع ، فاحتبست قريش عثمان فشاع عند المسلمين أن عثمان قد قتل ، فقال صلى الله عليه وسلم حينما سمع ذلك : ( لا نبرح حتى نناجزهم الحرب ) .

بيعة الرضوان

دعا النبي الناس للبيعة على القتال ، فبايعوه تحت شجرة هناك سميت : ( شجرة الرضوان ) على الموت وقد بارك الله هذه البيعة وأعلن رضاه عن أهلها فقال سبحانه : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . . . } ( الفتح : 18 ) .

شرط الصلح

علمت قريش بخبر هذه البيعة فاشتد خوفها ، وقويت رغبتها في الصلح ، وأرسلت سهيل بن عمر ليفاوض المسلمين بشأن الصلح ، وتوصل الطرفان إلى معاهدة مشتركة سميت بصلح الحديبية ، وأهم شروط هذا الصلح ما يأتي :

1- وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنين .

2- من جاء إلى محمد من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ، ومن جاء قريشا من المسلمين لا يلزمون برده .

3- من أراد أن يدخل في حلف محمد دخل فيه ، ومن أراد أن يدخل في حلف قريش دخل فيه .

4- أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم من غير عمرة هذا العام ، ثم يأتي في العام المقبل فيدخل مكة بأصحابه ، ويقيموا بها ثلاثة أيام ليس معهم من السلاح إلا السيوف في القراب .

وقد كان هذا الصلح مثار اعتراض من بعض كبار المسلمين لأنهم جاءوا للطواف بالبيت فمنعوا من ذلك ، وهم في حال قوة واستعداد لمحاربة قريش ، كما أن شروط الصلح أثارت غضب المسلمين ، فقال عمر ابن الخطاب : يا رسول الله ، ألست برسول الله ؟ فقال : ( بلى ) ، قال عمر : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : ( بلى ) ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا إذن ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ولن يضيعني ) .

ولكن أبا بكر أكثر الناس وثوقا بما اختاره النبي ، وبأن الحكمة والخيرة في اختياره .

ثم وقع الطوفان على الصلح ، وبعد ذلك توافدت قبيلة خزاعة فدخلت في عهد رسول الله ، وتوافدت قبيلة بكر فدخلت في حلف قريش ، وقد كان لهذا الصلح أكبر الأثر في سير الدعوة الإسلامية ، فقد اعترفت قريش بالمسلمين ، كما سمحت لهم بدخول مكة في العام القادم ، ولما دخلوا مكة شاهدهم أهلها وسمعوا لقولهم ورأوا عبادتهم فتفتحت قلوبهم للإسلام ، وقد فتحت مكة بعد عمرة القضاء بسنة واحدة ، إذ كان صلح الحديبية سنة 6 ه ، وعمرة القضاء سنة 7 ه ، وفتح مكة سنة 8 ه ، كما أن هذا الصلح يسر للمسلمين نشر الدعوة وشرح الفكرة ، ودعوة الناس إلى الإسلام ، ومكاتبة الرسل والملوك .

الأحداث وسورة الفتح

نزلت سورة الفتح في أعقاب صلح الحديبية فباركت هذا الصلح ، وجعلته فتحا مبينا ، وبشرت النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة والنصر وإتمام النعمة ، وقد فرح النبي الكريم بهذه السورة فرحا شديدا ( انظر الآيات 1-3 ) .

واشتملت السورة على بيان فضل الله على المسلمين حين أنزل السكينة والأمان والرضا في قلوبهم ، كما اعترفت السورة للمؤمنين بزيادة الإيمان ورسوخه ، وبشرتهم بالمغفرة والثواب .

وتوعدت السورة المنافقين والكفار بالعذاب والنكال ( انظر الآيات 4-6 ) ، ثم التنويه ببيعة الرضوان ، واعتبارها بيعة الله ، وربط قلوب المؤمنين مباشرة بربهم عن هذا الطريق بهذا الرباط المتصل مباشرة بالله الحي الباقي الذي لا يموت ( الآية : 10 ) .

وبمناسبة البيعة والنكث ، التفت السياق إلى الأعراب الذين تخلفوا عن الخروج ، ليفضح معاذيرهم ، ويكشف ما جال في خواطرهم من سوء الظن بالله ، ومن توقع السوء للرسول ومن معه ، ويوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما ينبغي أن يكون موقفه منهم في المستقبل ، وذلك في أسلوب يوحي بقوة المسلمين وضعف المخلّفين ، كما يوحي بأن هناك غنائم وفتوحا قريبة يسيل لها لعاب المخلّفين المتباطئين ( انظر الآيات 11-17 ) .

الله يبارك بيعة الرضوان

كان الربع الثاني من سورة الفتح تمجيدا لهؤلاء الصفوة من الرجال ، وتسجيلا لرضوان الله عليهم حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، والله عز وجل حاضر هذه البيعة وشاهدها وموثقها ، ويده فوق أيديهم فيها ، تلك المجموعة التي حظيت بتلك اللحظة القدسية وذلك التبليغ الإلهي : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } . ( الفتح : 18 ) .

تلك المجموعة التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها عند البيعة : ( أنتم اليوم خير أهل الأرض )5 .

تبدأ الآيات ( 18-29 ) بحديث من الله سبحانه وتعالى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الصفوة الذين بايعوا تحت الشجرة ، ثم بحديث مع هؤلاء الصفوة يبشرهم بما أعد لهم من مغانم كثيرة وفتوح ، وبما أحاطهم به من رعاية وحماية في هذه الرحلة وفيما سيتلوها ، ويندد بأعدائهم الذين كفروا تنديدا شديدا ، ويكشف لهم عن حكمته في اختيار الصلح والمهادنة في هذا العام ، ويؤكد لهم صدق الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول المسجد الحرام ، وأن المسلمين سيدخلونه آمنين لا يخافون ، وأن دينه سيظهر على الدين كله في الأرض جميعا .

ظهور الإسلام

لقد صدقت رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحقق وعد الله للمسلمين بدخول المسجد الحرام آمنين ، ثم كان الفتح في العام الذي يليه ، وظهر دين الله في مكة ، ثم ظهر في الجزيرة العربية كلها بعد ذلك ، ثم تحقق وعد الله وبشراه الأخيرة ، حيث يقول : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا } . ( الفتح : 28 ) . فلقد ظهر دين الحق لا في الجزيرة وحدها ، بل ظهر في المعمور من الأرض كلها قبل مضي نصف قرن من الزمان ، ظهر في إمبراطورية كسرى كلها ، وفي قسم كبير من إمبراطورية قيصر ، وظهر في الهند وفي الصين ، ثم في جنوب آسيا في الملايو وغيرها ، وفي جزر الهند الشرقية ( أندونيسيا ) ، وكان هذا هو معظم المعمور من الأرض في القرن السادس ومنتصف القرن السابع الميلادي .

ولا يزال دين الحق ظاهرا على الدين كله حتى بعد انحساره السياسي عن جزء كبير من الأرض التي فتحها ، وبخاصة في أوربا وجزر البحر الأبيض ، وانحسار قوة أهله في الأرض كلها بالقياس إلى القوى التي ظهرت في الشرق والغرب في هذا الزمان .

أجل لا يزال دين الحق ظاهرا على الدين كله من حيث هو دين ، فهو الدين القوي بذاته ، القوي بطبيعته ، الزاحف بلا سيف ولا مدفع من أهله ، لما في طبيعته من استقامة مع الفطرة ، ومع نواميس الوجود الأصلية ، ولما فيه من تلبية عميقة لحاجات العقل والروح ، وحاجات العمران والتقدم ، وحاجات البيئات المتنوعة من ساكني الأكواخ إلى ساكني ناطحات السحاب ، وما من صاحب دين غير الإسلام ينظر في الإسلام نظرة مجردة من التعصب والهوى ، إلا ويقر باستقامة هذا الدين وقوته الكامنة ، وقدرته على قيادة البشرية قيادة رشيدة ، وتلبية حاجاتها النامية المتطورة في يسر واستقامة .

وصف الصحابة

في ختام سورة الفتح نجد صورة مشرقة للنبي الكريم وصحبه الأبرار ، فهم أقوياء في الحق ، أشداء على الكفار رحماء بينهم ، وهم في الباطن أقوياء في العقيدة يملأ صدورهم اليقين ، فتراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا .

وقد ظهر نور الإيمان عليهم في سمتهم وسحنتهم وسماتهم ، سيماهم في وجوههم من الوضاءة والإشراق والصفاء والشفافية ، هذه الصورة الوضيئة ثابتة لهم في لوحة القدر ، فقد وردت صفتهم في التوراة التي أنزلها الله على موسى .

أما صفتهم في الإنجيل فهي صورة زرع نام قوي ، يخرج فروعه بجواره ، وهذه الفروع تشد أزره وتساعده حتى يصبح الزرع ضخما مستقيما قويا سويا ، يبعث في النفوس البهجة والإعجاب .

قال تعالى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ( 29 ) } . ( الفتح : 29 ) .

مقاصد السورة إجمالا

قال الفيروزبادي :

معظم مقصود سورة الفتح هو : وعد الله الرسول صلى الله عليه وسلم بالفتح والغفران ، وإنزال السكينة على أهل الإيمان ، وإيعاد المنافقين بعذاب الجحيم ، ووعد المؤمنين بنعيم الجنان ، والثناء على سيد المرسلين ، وذكر العهد وبيعة الرضوان ، وذكر ما للمنافقين من الخذلان ، وبيان عذر المعذورين ، والمنة على الصحابة بالنصر ، وصدق رؤيا سيد المرسلين ، وتمثيل حال النبي والصحابة بالزرع والزراع وفي البهجة والنضارة وحسن الشأن6 .

فضل السورة

روى مسلم ، عن أنس ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : لما نزلت سورة الفتح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد أنزل علي سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها )7 .

1

المفردات :

الفتح : الفتح في أصل اللغة : إزالة الأغلاق ، والفتح في باب الجهاد هو الظفر بالبلد عنوة أو صلحا ، بحرب أو بغير ذلك ، لأن البلد قبل ذلك منغلق ما لم نظفر به ، فإذا ظفرنا به وأصبح في أيدينا فقد فتح . والمراد بالفتح هنا في رأي الجمهور : صلح الحديبية ، وقال جماعة : المراد فتح مكة ، وقد بشر الله تعالى به رسوله الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين قبل حصوله .

مبينا : ظاهر الأمر ، مكشوف الحال .

التفسير :

1- { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } .

يسرنا لك صلح الحديبية ، وفيه اعتراف بالمسلمين كقوة محترمة يتعاهد معها ، وفي صلح الحديبية أوقفت الحرب بين المسلمين وأهل مكة ، فتحرك الناس في جزيرة العرب آمنين ، ودخل في الإسلام خلق كثير ، ويسر صلح الحديبية عمرة القضاء ، وفيها اختلط المسلمون بأهل مكة عن قرب ، وشاهدوهم وناقشوهم ، وكان ذلك سببا من أسباب تيسير فتح مكة .

وجمهور المفسرين على أن المراد بالآية صلح الحديبية ، وكان اعتراض البعض أن المسلمين في صلح الحديبية قد منعوا من أداء العمرة ، ومُنع الهَدْي من الوصول إلى الكعبة وذبح عند الحديبية ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية صلح الحديبية ، حين طلب أهل مكة الصلح ورغبوا فيه ، وأحسوا بقوة المسلمين بسبب بيعة الرضوان التي تمت تحت الشجرة ، وبايع المسلمون فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وعلى ألا يفروا ، ثم عاد المسلمون وافرين سالمين إلى المدينة ، ليتيسر لهم فتح خيبر وإزالة حصون اليهود القوية ، ثم يتيسر لهم فتح مكة بعد عامين ، وهم في جيش يزيد على عشرة آلاف مقاتل ، لقد كان صلح الحديبية من أكبر وأهم نقاط الارتكاز للأمة الإسلامية الناشئة ، فما أعظم أن تطلب مكة الصلح ، على أن يعود المسلمون إلى المدينة هذا العام ، ثم يقدموا إلى مكة في العام القادم -ومعهم السيوف في قرابها- ليؤدوا عمرة القضاء ، وكأن هذا الأمر ترتيب الله ، والإعداد للفتح الأكبر .

وبعض المفسرين يرى أن السورة نزلت عند انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديبية لتبشره بفتح مكة ، أو بفتح خيبر ، ولتعظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وتبين أنه يستحق نعم الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة .

والرأي الأول عليه جمهور المفسرين ، وهو أرجح عند التأمل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح مدنية وآياتها تسع وعشرون ، نزلت بعد سورة الجمعة في السنة السادسة من الهجرة بعد صلح الحديبية .

وكان صلح الحديبية نصرا حقيقيا للرسول الكريم وللمؤمنين ، فقد اعترفت قريش بالرسول وبمكانته ، وبسلطة الإسلام وعظمته ، وفُتح الباب للناس للدخول في دين الله أفواجا .

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا إلى مكة ومعه ألف وأربعمائة رجل من أصحابه ، وكان خروجه في أول ذي القعدة يوم الإثنين عام ست من الهجرة . فلما وصل الحديبية ، وهي مكان قريب من مكة ، خرجت قريش ومنعتْه من دخول مكة ، مع أن الوقت كان في الأشهر الحرم حيث يجوز لكل إنسان أن يدخل مكة . فلما رأى الرسول الكريم تشدّد قريش أرسل إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنهم ليُفهمهم أن الرسول الكريم وأصحابه لا يريدون حربا وإنما جاؤوا معتمرين . وأبطأ عثمان وأشيع أنه قُتل ، فدعا رسول الله أصحابه للبيعة ، فبايعوه بيعة الرضوان بأن يقاتلوا قريشا . وفي ذلك يقول تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } فكان فتح خيبر ، ثم فتح مكة بعد ذلك .

فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح بينه وبين قريش وعاد إلى المدينة على أن يعود إلى العمرة في مكة في العام المقبل ، فنحر الهدي في موضع الحديبية ونحر أصحابه وحلقوا وقصّروا وعادوا ، فنزلت سورة الفتح في هذا الجو العظيم .

قال موسى بن عقبة ، وهو من أوائل الذين كتبوا في السيرة : قال رجل عند رجوع المسلمين من الحديبية : ما هذا بفتح ، لقد صُددنا عن البيت الحرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل هو أعظم الفتوح ، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ، ويسألوكم القضية ، ويرغبوا إليكم في الأمان ، وقد رأوا منكم ما كرهوا .

ومعنى يسألوكم القضية : طلبوا منكم أن تقضوا عمرتكم في العام القابل . وقد رأوا منكم ما كرهوا : رأوا تجمّعكم ، وحماستكم في حفظ دينكم ، والتفافكم حول الرسول الكريم والتأهب للقتال ، فكرهوا ذلك . وقد أورد ابن هشام وكتب الحديث حادثة الحديبية بالتفصيل فليرجع إليها من أراد التفصيل .

تحدثت السورة في بدئها عن الفتح المبين الذي يسّره الله لرسوله الأمين ، وعن آثاره العظيمة في انتشار الإسلام ، وعن تثبيت قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا . وذكرت المنافقين وتذبذبهم وجبنهم ، وتشككهم في نصر الله لرسوله . وقررت إرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شاهدا ومبشرا ليحقق الإيمان بالله . ثم ذكرت المؤمنين وجميل صفاتهم ، وأشارت إلى لطف الله بهم وإكرامهم . وبعد ذلك ذكرت بيعة الرضوان وبينت اعتذار المتخلفين عن الخروج مع رسول الله ، وأنهم تخلّفوا ظنا منهم أن الله لا ينصره ، وعرضت لطلبهم الخروج للغنائم .

ثم أشارت إلى العمرة ، وذكر صفات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة ، وأخيرا بينت وعد الله تعالى لهم وللصالحين من عباده الكرامة الكبرى في الآخرة والمغفرة والأجر العظيم .

فتحنا لك فتحا مبينا : نصرناك نصرا بينا ظاهرا . وكان صلح الحديبية نصراً كبيرا للنبي الكريم ، إذ كان سببا في فتح مكة . قال الإمام الزهري : لم يكن فتحٌ أعظم من صلح الحديبية ، اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام من قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلقٌ كثير كَثُر بهم سواد الإسلام ، فما مضت تلك السنون إلا والمسلمون قد جاؤوا إلى مكة في عشرة آلاف ففتحوها . إنا فتحنا لك يا محمد فتحاً ظاهرا عظيما بذلك الصلح الذي تم على يديك في الحديبية ، وكان نتيجته الكبرى استيلاءك على مكة وإزالة الكفر منها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفتح وهي مدنية

{ 1-3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا }

هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية ، حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة ، صار آخر أمرها أن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ، وعلى أن يعتمر من العام المقبل ، وعلى أن من أراد أن يدخل في عهد قريش وحلفهم دخل ، ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل .

وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا ، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز وجل ، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار ، يتمكن من ذلك ، وأمكن الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام ، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجا ، فلذلك سماه الله فتحا ، ووصفه بأنه فتح مبين أي : ظاهر جلي ، وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله ، وانتصار المسلمين ، وهذا حصل بذلك{[789]}  الفتح ، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور ، فقال :


[789]:في ب: به.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وهي عشرون وتسع آيات

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } حكمنا لك بإظهار دينك والنصرة على عدوك وفتحنا لك أمر الدين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية بإجماع ، وهي تسع وعشرون آية . ونزلت ليلا بين مكة والمدينة في شأن الحديبية . روى محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ، قالا : نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها . وفي الصحيحين عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر بن الخطاب : ثكلت أم عمر ، نَزَرْتَ{[1]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لم يجبك ، فقال عمر : فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما نَشِبْتُ{[2]} أن سمعت صارخا يصرخ بي ، فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فقال : [ لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس - ثم قرأ - " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " ] لفظ البخاري . وقال الترمذي : حديث حسن غريب صحيح . وفي صحيح مسلم عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال : لما نزلت : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا . ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما - إلى قوله - فوزا عظيما " مرجعه من الحديبية وهم يخالطهم الحزن والكآبة ، وقد نحر الهدي بالحديبية ، فقال : [ لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ] . وقال عطاء عن ابن عباس : إن اليهود شتموا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لما نزل قوله تعالى : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " [ الأحقاف : 9 ] وقالوا : كيف نتبع رجلا لا يدري ما يفعل به فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا . ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " . ونحوه قال مقاتل بن سليمان : لما نزل قوله تعالى : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " {[3]} [ الأحقاف : 9 ] فرح المشركون والمنافقون وقالوا : كيف نتبع رجلا لا يدري ما يفعل به ولا بأصحابه ، فنزلت بعد ما رجع من الحديبية : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " أي قضينا لك قضاء . فنسخت هذه الآية تلك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ لقد أنزلت علي سورة ما يسرني بها حمر النعم ] . وقال المسعودي : بلغني أنه من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من رمضان في صلاة التطوع حفظه الله ذلك العام .

اختلف في هذا الفتح ما هو ؟ ففي البخاري حدثني محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " قال : الحديبية . وقال جابر : ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية . وقال الفراء{[13974]} : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ، كنا نعد مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة{[13975]} ، والحديبية بئر . وقال الضحاك : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " بغير قتال . وكان الصلح من الفتح . وقال مجاهد : هو منحره بالحديبية وحلقه رأسه . وقال : كان فتح الحديبية آية عظيمة ، نزح ماؤها فمج فيها فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه . وقال موسى بن عقبة : قال رجل عند منصرفهم من الحديبية : ما هذا بفتح ، لقد صدونا عن البيت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألكم القضية ويرغبوا إليكم في الأمان وقد رأوا منكم ما كرهوا ] . وقال الشعبي في قوله تعالى : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " قال : هو فتح الحديبية ، لقد أصاب بها ما لم يصب في غزوة ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وبويع بيعة الرضوان ، وأطعموا نخل خيبر ، وبلغ الهدي محله ، وظهرت الروم على فارس ، ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس . وقال الزهري : لقد كان الحديبية أعظم الفتوح ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليها في ألف وأربعمائة ، فلما وقع الصلح مشى الناس بعضهم في بعض وعلموا وسمعوا عن الله ، فما أراد أحد الإسلام إلا تمكن منه ، فما مضت تلك السنتان إلا والمسلمون قد جاؤوا إلى مكة في عشرة آلاف . وقال مجاهد أيضا والعوفي : هو فتح خبير . والأول أكثر ، وخيبر إنما كانت وعدا وعدوه ، على ما يأتي بيانه في قوله تعالى : " سيقول المخلفون إذا انطلقتم " {[13976]} [ الفتح : 10 ] وقوله : " وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه " {[13977]} [ الفتح : 20 ] . وقال مجمع بن جارية - وكان أحد القراء الذين قرؤوا القرآن - : شهدنا الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر ، فقال بعض الناس لبعض : ما بال الناس ؟ قالوا : أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فخرجنا نُوجِفُ{[13978]} فوجدنا نبي الله صلى الله عليه وسلم عند كراع الغميم{[13979]} ، فلما اجتمع الناس قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " فقال عمر بن الخطاب : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال : [ نعم ، والذي نفسي بيده إنه لفتح ] . فقسمت خيبر على أهل الحديبية ، لم يدخل أحد إلا من شهد الحديبية . وقيل : إن قوله تعالى : " فتحا " يدل على أن مكة فتحت عنوة{[13980]} ؛ لأن اسم الفتح لا يقع مطلقا إلا على ما فتح عنوة . هذا هو حقيقة الاسم . وقد يقال : فتح البلد صلحا ، فلا يفهم الصلح إلا بأن يقرن بالفتح ، فصار الفتح في الصلح مجازا . والأخبار دالة على أنها فتحت عنوة ، وقد مضى القول فيها{[13981]} ، ويأتي .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[2]:في بعض النسخ: "أبي قاسم"
[3]:في بعض النسخ: "المسيي".
[13974]:في تفسير الطبري:" البراء".
[13975]:في تفسير الطبري:" خمس مائة".
[13976]:آية 15 من هذه السورة.
[13977]:آية 20 من هذه السورة.
[13978]:الإيجاف: سرعة السير.
[13979]:كراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة.
[13980]:أي فتحت بالقتال، قوتل أهلها حتى غلبوا عليها.
[13981]:راجع ج 8 ص 2.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح

مدنية نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية وآياتها 29 نزلت بعد الجمعة

نزلت هذه السورة حين انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، لما أراد أن يعتمر بمكة فصده المشركون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر وهما راجعان إلى المدينة : }لقد نزلت علي سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها " .

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } يحتمل هذا الفتح في اللغة أن يكون بمعنى الحكم أي : حكمنا لك على أعدائك ، أو من الفتح بمعنى العطاء كقوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } [ فاطر : 2 ] أو من فتح البلاد واختلف في المراد بهذا الفتح على أربعة أقوال :

الأول : أنه فتح مكة وعده الله به ، قبل أن يكون وذكره بلفظ الماضي لتحققه وهو على هذا بمعنى فتح البلاد .

الثاني : أنه ما جرى في الحديبية من بيعة الرضوان ومن الصلح الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش وهو على هذا بمعنى الحكم أو بمعنى العطاء ويدل على صحة هذا القول أنه لما وقع صلح الحديبية ، شق ذلك على بعض المسلمين بشروط كانت فيه حتى أنزل الله هذه السورة ، ويتبين أن ذلك الصلح له عاقبة محمودة وهذا هو الأصح ، لأنه روي : أنها لما نزلت قال بعض الناس : ما هذا الفتح وقد صدنا المشركون عن البيت ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالروح ، ورغبوا إليكم في الأمان " .

الثالث : أنه ما أصاب المسلمون بعد الحديبية من الفتوح كفتح خيبر وغيرها .

الرابع : أنه الهداية إلى الإسلام ودليل هذا القول قوله { ليغفر الله لك } فجعل الفتح علة للمغفرة ولا حجة في ذلك إذ يتصور في الجهاد وغيره أن يكون علة للمغفرة أيضا أو تكون اللام للصيرورة والعاقبة لا للتعليل فيكون المعنى إنا فتحنا لك فتحا مبينا فكان عاقبة أمرك أن جمع الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة بأن غفر لك وأتم نعمته عليك وهداك ونصرك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح{[1]}

مقصودها مدلول اسمها الذي يعم فتح مكة وما تقدمه من صلح الحديبية وفتح خيبر ونحوهما ، وما وقع تصديق الخبر به من غلب الروم على أهل فارس وما تفرع من فتح مكة المشرفة من إسلام أهل جزيرة العرب وقتال أهل الردة وفتوح جميع البلاد الذي يجمعه كله إظهار الدين على الدين كله ، وهذا كله في غاية الظهور بما نطق به ابتداؤها وأثناؤها في مواضع منها { لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق } الآية وانتهاؤها { ليظهر على الدين كله } { محمد رسول الله } إلى قوله { ليغيظ بهم الكفار } أي بالفتح الأعظم وما دونه من{[2]} الفتوحات { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة- كما كان في أولها للرسول صلى الله عليه وسلم-[ و-{[3]} ] أجرا عظيما كذلك{[4]} {[5]}بسائر الفتوحات وما حوت من الغنائم للثواب الجزيل على ذلك في دار الجزاء{[6]} { بسم الله } {[7]}الملك الأعظم{[8]} المحيط بكل شيء قدرة وعلما { الرحمن } الذي عم المكلفين بنعمة الوعد والوعيد { الرحيم } الذي اختص أهل حزبه لإقامة دينه الحق فأظهرهم على سائر العبيد .

لما{[60029]} كانت تلك {[60030]}سورة الجهاد{[60031]} وكانت هذه سورة الفتح بشارة للمجاهدين من أهل هذا الدين بالفوز و{[60032]}النصر والظفر{[60033]} على كل من كفر ، وهذا كما سيأتي{[60034]} من إيلاء سورة النصر لسورة الكافرون ، فأخبرت القتال عن{[60035]} الكافرين بإبطال الأعمال والتدمير وإهلاكهم بالتقال ، وإفساد جميع الأحوال ، وعن الذين آمنوا بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالهداية وإصلاح البال ، وختمها بالتحريض على مجاهدتهم بعد أن ضمن لمن نصره منهم النصر وتثبيت الأقدام ، وهدد من أعرض باستبدال غيره به ، وأن ذلك البدل لا يتولى عن العدو ولا ينكل عنه ، فكان ذلك محتماً لسفول الكفر وعلو الإيمان ، وذلك {[60036]}بعينه هو{[60037]} الفتح المبين ، فافتتح هذه بقوله على طريق النتيجة لذلك بقوله مؤكداً إعلاماً بأنه لا بد منه وأنه-{[60038]} مما ينبغي أن يؤكد لابتهاج النفوس الفاضلة به ، وتكذيب من في قلبه مرض{[60039]} وهم أغلب الناس في ذلك الوقت . { إنا } أي بما لنا من العظمة التي لا تثبت لها الجبال { فتحنا } أي أوقعنا الفتح المناسب لعظمتنا لكل متعلق بإتقان{[60040]} الأسباب المنتجة له من غير شك ، ولذلك عبر عنه بالماضي .

ولما كانت منفعة ذلك له صلى الله عليه وسلم لأن إعلاء كلمة الله يكون به فيعليه ويمتلىء الأرض من أمنه ، فلا يعمل منهم أحد حسنة إلا كان له مثل أجرها ويكونون على قصر زمنهم ثلثي أهل الجنة ، فيكون ذلك شرفاً له - إلى غير ذلك الأسرار ، التي يعيى دون أيسرها الكفار ، قال : { لك } أي بصلح الحديبية في ذي القعدة سنة ست من الهجرة التي نزلت هذه السورة في شأنه ، يصحبان في الرجوع منه إلى المدينة المشرفة{[60041]} ، قال الأزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فرأوا ما لا أعدل منه ولا أحسن ، فاستولى الإسلام على قلوبهم وتمكن منهم فأسلم منهم-{[60042]} في ثلاث سنين خلق كثير ، وكذا كان من الفتح تقوية أمره صلى الله عليه وسلم بالتصديق فيما أنزل {[60043]}عليه من سورة من غلبهم على أهل فارس في رواية من قال : إنه كان في زمن الحديبية ، ثم زاده تأكيداً بقوله : { فتحاً } وزاد في إعظامه بقوله : { مبيناً * } أي لا لبس فيه على أحد ، بل يعلم كل ذي عقل به أنك ظاهر على جميع أهل الأرض لأنك كنت وحدك ، وكان عند أهل{[60044]} الكفر أنك في أيديهم ، وأن أمرك لا يعدو فمك ، فتبعك ناس ضعفاء فعذبوهم وكانوا{[60045]} معهم في أسوأ الأحوال ، وتقرر ذلك في إذهانهم مدداً طوالاً{[60046]} ثلاث عشرة سنة ، ثم انقذ الله أتباعك منهم بالهجرة إلى النجاشي رحمه الله تعالى أولاً ، وإلى المدينة الشريفة ثانياً ، وهم مطمئنون بأنك أنت - وأنت رأسهم - لا ينتظم لهم{[60047]} بدونك أمر ، ولا يحصل لكسرهم{[60048]} ما لم تكن معهم جبر ، بأنك في قبضتهم لا خلاص لك أبداً منهم ولا انفكاك من بلدتهم ، فاستخرجك الله من عندهم بعد أن حماك على خلاف القياس وأنت بينهم من أن يقتلوك ، مع اجتهادهم في ذلك واستفراغهم قواهم في أذاك{[60049]} ، ثم بذلوا جهدهم في منعك من الهجرة فما قدروا ، ثم في-{[60050]} ردك فما أطاقوا ولا فازوا ولا ظفروا .

بل غلبوا وقهروا ، ثم أيدك بأنصار أبرار أخيار فكنتم على قلتكم{[60051]} كالليوث الكواسر والبحار الزواخر ، ما ملتم على جهة إلا غمرتموها ، وفزتم بالنصف {[60052]}من أربابها{[60053]} قتلتموها {[60054]}أو أسرتموها{[60055]} ولم تزالوا تزدادون وتقوون ، وهم ينقصون ويضعفون ، حتى أتيتموهم{[60056]} في بلادهم التي هم قاطعون بأنهم ملوكها ، يتعذر على غيرهم غلبهم عليها بل سلوكها{[60057]} ، فما دافعوكم عن الدخول عليهم إلا بالراح ، وسألوكم في{[60058]} وضع الحرب للدعة والإصلاح ، فقد ظهرت أعلام الفتح أتم ظهور ، وعلم أرباب القلوب أنه لا بد أن تكون في امتطائكم{[60059]} الذرى وسموكم إلى رتب المعالي أمور وأيّ أمور ، وروى الإمام أحمد{[60060]} عن-{[60061]} مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه قال : " شهدنا الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفنا منها إذا{[60062]} الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم : ما بال الناس ؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فخرجنا نوجف{[60063]} ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً على راحلته عند كراع-{[60064]} الغميم ، فلما اجتمع عليه{[60065]} الناس قرأ { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } فقال عمر رضي الله عنه : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال : نعم ، والذي نفسي بيده " .

وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : ارتباط هذه السورة بالتي قبلها واضح من جهات - وقد يغمض بعضها - منها أن سورة القتال لما أمروا فيها بقتال عدوهم في قوله تعالى { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } الآية ، وأشعروا{[60066]} بالمعونة عند وقوع الصدق في قوله { إن تنصروا الله ينصركم } استدعى ذلك تشوف النفوس إلى حال العاقبة فعرفوا ذلك في هذه السورة فقال تعالى { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } - الآيات ، فعرف تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعظيم صنعه له ، وأتبع ذلك بشارة المؤمنين العامة فقال { هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين } - الآيات{[60067]} ، والتحمت إلى التعريف بحال من نكث من مبايعته صلى الله عليه وسلم ، وحكم المخلفين من الأعراب ، والحض على الجهاد ، وبيان حال ذوي الأعذار ، وعظيم نعمته سبحانه على أهل بيعته { لقد رضي الله عن المؤمنين } وأثابهم الفتح وأخذ المغانم{[60068]} وبشارتهم بفتح مكة { لتدخلن المسجد الحرام } إلى ما ذكر سبحانه من عظيم نعمته عليهم وذكرهم في التوراة والإنجيل ما تضمنت هذه السورة الكريمة ، ووجه آخر و-{[60069]}هو أنه لما قال الله تعالى في آخر سورة القتال { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم } كان هذا إجمالاً في عظيم ما منحهم وجليل ما أعطاهم ، فتضمنت سورة محمد تفسير هذا الإجمال وبسطه ، وهذا يستدعي من بسط الكلام ما لم تعتمده{[60070]} في هذا التعليق ، وهو بعد مفهوم مما سبق من الإشارات في الوجه الأول ، ووجه آخر مما يغمض وهو أن قوله تعالى { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم{[60071]} ثم لا يكونوا أمثالكم } إشارة إلى من{[60072]} يدخل في ملة الإسلام من الفرس وغيرهم عند تولي العرب ، وقد أشار أيضاً إلى هذا قوله تعالى

( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه }[ المائدة : 54 ] وأشار إلى ذلك عليه الصلاة والسلام : " ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا " - وعقد السبابة بالإبهام ، أشار عليه الصلاة والسلام {[60073]}إلى تولي العرب واستيلاء غيرهم الواقع في الآيتين ، وإنما أشار عليه الصلاة والسلام{[60074]} {[60075]}بقوله " اليوم{[60076]} " إلى التقديم والتأخير ، وفرغ هذا الأمر إلى{[60077]} أيام أبي جعفر المنصور ، فغلبت {[60078]}الفرس والأكراد{[60079]} وأهل الصين وصين الصين - وهو ما يلي يأجوج ومأجوج - وكان فتحاً وعزاً وظهوراً لكلمة الإسلام ، و{[60080]}غلب هؤلاء في الخطط والتدبير{[60081]} الإماري{[60082]} وسادوا غيرهم ، ولهذا جعل صلى الله عليه وسلم مجيئهم فتحاً فقال : " فتح اليوم " ولو أراد{[60083]} غير هذا لم يعبر بفتح ، ألا ترى قول عمر لحذيفة رضي الله عنهما في حديث الفتن حين قال{[60084]} له " إن بينك وبينها {[60085]}باباً مغلقاً{[60086]} " فقال عمر : أيفتح ذلك{[60087]} الباب أم يكسر ؟ فقال : بل يكسر . ففرق بين الفتح والكسر ، وإنما أشار إلى قتل عمر رضي الله عنه ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام " فتح " وقال : " من ردم يأجوج ومأجوج " وأراد من نحوهم وجهتهم وأقاليمهم ، لأن الفرس ومن أتى معهم هم أهل الجهات التي تلي الردم ، فعلى هذا يكون قوله{[60088]} تعالى : { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم{[60089]} } إشارة إلى غلبة من ذكرنا وانتشارهم في الولايات{[60090]} والخطط الدينية والمناصب العلمية . ولما كان هذا قبل أن يوضح أمره يوهم نقصاً وخطأ ، بين أنه تجديد فتح وإعزاز منه تعالى لكلمة الإسلام ، فقال تعالى : { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } الآيات ، ذكر القاضي أبو بكر بن العربي في تلخيض التلخيض علماء المالكية مشيراً إلى تفاوت درجاتهم ثم قال : وأمضاهم في النظر عزيمة وأقواهم فيه شكيمة أهل خراسان : العجم أنساباً وبلداناً ، والعرب عقائد وإيماناً ، الذين ينجز فيهم وعد الصادق المصدوق ، وملكهم الله مقاليد التحقيق حين أعرضت العرب عن العلوم وتولت عنها ، وأقبلت على الدنيا واستوثقت{[60091]} منها ، " قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ! من هؤلاء الذين قال الله { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } فأشار عليه الصلاة والسلام إلى سلمان وقال : لو كان الإيمان في الثريا لناله رجال من هؤلاء "

- انتهى .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[60029]:من مد، وفي الأصل و ظ: ولما.
[60030]:من مد، وفي الأصل و ظ: السورة للجهاد.
[60031]:من مد، وفي الأصل و ظ: السورة للجهاد.
[60032]:في ظ ومد: الظفر والنصر.
[60033]:في ظ ومد: الظفر والنصر.
[60034]:من ظ ومد، وفي الأصل: يأتي.
[60035]:من مد، وفي الأصل و ظ: على.
[60036]:في مد: هو بعينه.
[60037]:في مد: هو بعينه.
[60038]:زيد من مد.
[60039]:من مد، وفي الأصل: شك، والكلمة ساقطة من ظ.
[60040]:من مد، وفي الأصل و ظ: يإيقان.
[60041]:في الأصل و ظ: الشريفة.
[60042]:زيد من ظ ومد إلا أن "منهم" ليس في مد.
[60043]:من مد، وفي الأصل و ظ: نزل.
[60044]:سقط من ظ.
[60045]:زيد في الأصل و ظ: أسرا، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[60046]:من مد، وفي الأصل و ظ: طويلا.
[60047]:من مد، وفي الأصل و ظ: بهم.
[60048]:من ظ ومد، وفي الأصل: لكثيرهم.
[60049]:من مد، وفي الأصل و ظ: ذاك.
[60050]:زيد من مد.
[60051]:من مد، وفي الأصل و ظ: قتلكم.
[60052]:في ظ: بأربابها.
[60053]:في ظ: بأربابها.
[60054]:من مد، وفي الأصل: أوسرتموها، وسقط ما بين الرقمين من ظ.
[60055]:من مد، وفي الأصل: أوسرتموها، وسقط ما بين الرقمين من ظ.
[60056]:من مد، وفي الأصل و ظ: أيتموهم.
[60057]:من مد، وفي الأصل و ظ: سلكوها.
[60058]:من مد، وفي الأصل و ظ: سلوكهم فمن.
[60059]:من مد، وفي الأصل و ظ: انتظامكم.
[60060]:راجع تفسير الطبري 26/41.
[60061]:زيد و لابد منه.
[60062]:من مد والفسير، وفي الأصل و ظ: إذا.
[60063]:من مد، وفي الأصل و ظ: ترجف.
[60064]:زيد من مد.
[60065]:من ظ ومد، وفي الأصل: إليه.
[60066]:من مد، وفي الأصل و ظ: أشعر.
[60067]:من ظ ومد، وفي الأصل: الآية.
[60068]:من مد، وفي الأصل و ظ: الغنايم.
[60069]:زيد من ظ ومد.
[60070]:من مد، وفي الأصل و ظ: لم يعتمده.
[60071]:من ظ ومد، وفي الأصل: غيرهم.
[60072]:في ظ: ما.
[60073]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[60074]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[60075]:من مد، وفي الأصل و ظ: باليوم.
[60076]:من مد، وفي الأصل و ظ: باليوم.
[60077]:من ظ ومد، وفي الأصل: أتى.
[60078]:من ظ ومد، وفي الأصل: النفوس والأكدار.
[60079]:من ظ ومد، وفي الأصل: النفوس والأكدار.
[60080]:زيد في الأصل:هو، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[60081]:من مد، وفي الأصل و ظ: التدبر.
[60082]:من ظ ومد، وفي الأصل: الأماري.
[60083]:من ظ ومد، وفي الأصل: كان.
[60084]:من ظ ومد، وفي الأصل: قبل.
[60085]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[60086]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[60087]:من ظ ومد، وفي الأصل: لك.
[60088]:زيد في الأصل: صلى الله عليه وسلم قوله، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60089]:من ظ ومد، وفي الأصل: غيرهم.
[60090]:من ظ ومد، وفي الأصل: الويات.
[60091]:من مد، وفي الأصل و ظ: استوسقت.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا }

{ إنا فتحنا لك } قضينا بفتح مكة وغيرها في المستقبل عنوة بجهادك { فتحاً مبيناً } بيِّناً ظاهراً .