{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا( 21 ) ولما رءوا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما( 22 ) }
أسوة حسنة : قدوة طيبة والمراد به : المقتدى به .
واليوم الآخر : وثواب اليوم الآخر .
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا }
من شأن القرآن أن يقارن بين موقف المنافقين من الضعف والخور وموقف المؤمنين من الثبات في المحنة والأمل والعمل للنصر .
لقد كان لكم دليل هاد ونبراس مضيء في محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله فكان القائد الرائد نظم ورتب وشارك في حفر الخندق وشارك في تثبيت المؤمنين وضرب كدية شديدة لم تعمل فيها المعاول ضربها فعادت كثيبا أهيل وأخلص في الدعاء لله يوم الخندق حتى أرسل الله الريح والملائكة تعاون في نصر المؤمنين والاقتداء برسول الله كائن ومتحقق لمن كان له أمل ورجاء في ثواب الله وفي عطاء اليوم الآخر في الجنة ، ولمن ذكر الله ذكرا كثيرا حتى يتحقق اتصاله بالله وطاعته لأمره فهو القائل : يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا . ( الأحزاب : 41-42 ) ورغم أن الآية نزلت في مدح موقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ومدح المؤمنين الثابتين في البأساء إلا أن الآية مع ذلك أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله وصبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه . 23
والآية وإن سيقت للاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أمر الحرب من الثبات في القتال ونحوه فهي عامة للاقتداء به في كل أفعاله ما لم يعلم أنها من خصوصياته فالقرآن قد حث المسلمين على توقير الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته وتعظيمه وحبه وهدد القرآن المخالفين لأمر الرسول قال تعالى : من يطع الرسول فقد أطاع الله . . . . ( النساء : 80 ) .
وقال سبحانه : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . . . ( آل عمران : 31 ) .
وقال سبحانه : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم . . ( النور : 63 ) .
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } حيث حضر الهيجاء بنفسه الكريمة ، وباشر موقف الحرب ، وهو الشريف الكامل ، والبطل الباسل ، فكيف تشحون بأنفسكم ، عن أمر جاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، بنفسه فيه ؟ "
فَتأَسَّوْا به في هذا الأمر وغيره .
واستدل الأصوليون في هذه الآية ، على الاحتجاج بأفعال الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وأن الأصل ، أن أمته أسوته في الأحكام ، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به .
فالأسوة نوعان : أسوة حسنة ، وأسوة سيئة .
فالأسوة الحسنة ، في الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فإن المتأسِّي به ، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه ، وهو الصراط المستقيم .
وأما الأسوة بغيره ، إذا خالفه ، فهو الأسوة السيئة ، كقول الكفار{[698]} حين دعتهم الرسل للتأسِّي[ بهم ]{[699]} { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ }
وهذه الأسوة الحسنة ، إنما يسلكها ويوفق لها ، من كان يرجو اللّه ، واليوم الآخر ، فإن ما معه{[700]} من الإيمان ، وخوف اللّه ، ورجاء ثوابه ، وخوف عقابه ، يحثه على التأسي بالرسول صلى اللّه عليه وسلم .
قوله تعالى :{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } قرأ عاصم : أسوة حيث كان ، بضم الهمزة ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان ، أي : قدوة صالحة ، وهي فعلة من الائتساء ، كالقدوة من الاقتداء ، اسم وضع موضع المصدر ، أي : به اقتداء حسن أن تنصروا دين الله وتؤازروا الرسول ولا تتخلفوا عنه ، وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ كسرت رباعيته وجرح وجهه ، وقتل عمه وأوذي بضروب من الأذى ، فواساكم مع ذلك بنفسه ، فافعلوا أنتم كذلك أيضاً واستنوا بسنته ، { لمن كان يرجو الله } بدل من قوله : لكم وهو تخصيص بعد تعميم للمؤمنين ، يعني : أن الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان يرجو الله ، قال ابن عباس : يرجو ثواب الله . وقال مقاتل : يخشى الله ، { واليوم الآخر } أي : يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال ، { وذكر الله كثيراً } في جميع المواطن على السراء والضراء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.