معاني القرآن للفراء - الفراء  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

وقوله : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ 21 }

كان عاصم بن أبى النَجُود يقرأ ( أُسْوة ) برفع الألف في كلّ القرآن وكان يحيى بن وثّاب يرفع بعضاً ويكسر بعضاً . وهما لغتان : الضَمْ في قيس . والحسنُ وَأَهْل الحجاز يقرءونَ ( إسْوَةٌ ) بالكسر في كلّ القرآن لا يختلفون . ومعنى الأُِسوة أنهم تَخلّفوا عنه بالمدينة يوم الخندق وهم في ذلك يحبّون أن يظفر النَّبيُّ صلى الله عليه وسم إشفاقاً على بلدتهم ، فقال : لقد كَانَ في رَسُول الله أُسْوة حَسَنة إذ قاتل يوم أُحُد . وذلك أيضاً قوله { يَحْسَبُون الأحزْابَ لَمْ يَذْهَبُوا } فهم في خَوف وفَرَق { وإنْ يَأْتِِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ في الأَعراب } ( يقول في غير المدينة ) وفي في قراءة عَبد الله ( يحسبونَ الأحزابَ قد ذهبُوا ، فإذا وجدوهم لم يذهَبُوا وَدُّوا لو أنهم بادُونَ في الأعراب ) .

وقوله { لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ } خَصَّ بها المؤمنِين . ومثله في الخصوص قوله : { فَمَنْ تَعَجّلَ في يَوْمَيْنِ فلاَ إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّر فَلاَ إثمَ عَليه } هذا { لمنْ اتّقَى } قتل الصيَّد .