محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي في أخلاقه وأفعاله قدوة حسنة ، إذ كان منها ثباته في الشدائد وهو مطلوب . وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب ومحروب . ونفسه في اختلاف الأحوال ساكنة ، لا يخور في شديدة ولا يستكين لعظيمة أو كبيرة . وقد لقي بمكة من قريش ما يشيب النواصي ، ويهد الصياصي . وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي ، ويثبت ثبات المستولي . ومن صبر على هذه الشدائد في الدعاء إلى الله تعالى ، وهو الرفيع الشأن ، كان غيره أجدر إن كان ممن يتبع بإحسان { لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } أي رضوان الله ورحمته وثواب اليوم الآخر ونجاته . فإنه يؤثرهما على الحياة الدنيا ، فلا يجبن . إذ لا يصح الجبن لمن صح اقتداؤه برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لغاية قبحه { وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } أي وقرن بالرجاء ذكره تعالى بكثرة . أي ذكر أمره ونهيه ووعده ووعيده . فأدرك مواطن السعادة ومهاوي الشقاوة . وعلم أن في الثبات على قتل العدو ، تطهير الأرض من الفساد ، وتزيينها بالحق والصلاح والسداد ، مما جزاؤه سعادة الدارين ، والفوز بالحسنين .