النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

قوله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوُلِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } فيه وجهان :

أحدهما : أي مواساة عند القتال ، قاله السدي .

الثاني : قدوة حسنة يتبع فيها . والأسوة الحسنة المشاركة في الأمر يقال هو مواسيه بماله إذا جعل له نصيباً .

وفي المراد بذلك وجهان :

أحدهما : الحث على الصبر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه .

الثاني : التسلية لهم فيما أصابهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم شُج وكُسِرَت رباعيته وقتل عمه حمزة .

{ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر } فيه وجهان :

أحدهما : لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر ، قاله ابن عيسى .

الثاني : لمن كان يرجوا الله بإيمانه ويصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، قاله ابن جبير .

{ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } يحتمل وجهين :

أحدهما : أي استكثر من العمل بطاعته تذكراً لأوامره .

الثاني : أي استكثر من ذكر الله خوفاً من عقابه ورجاء لثوابه .

واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين :

أحدهما : المنافقون عطفاً عل ما تقدم من خطابهم .

الثاني : المؤمنون لقوله : { لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } .

واختلف في هذه الأسوة بالرسول هل هي على الإِيجاب أو على الاستحباب على قولين :

أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب .

الثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب .

ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا .