تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا( 21 ) ولما رءوا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما( 22 ) }

المفردات :

أسوة حسنة : قدوة طيبة والمراد به : المقتدى به .

يرجو الله : يأمل رضا الله .

واليوم الآخر : وثواب اليوم الآخر .

التفسير :

{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا }

التفسير :

من شأن القرآن أن يقارن بين موقف المنافقين من الضعف والخور وموقف المؤمنين من الثبات في المحنة والأمل والعمل للنصر .

ومعنى الآية :

لقد كان لكم دليل هاد ونبراس مضيء في محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله فكان القائد الرائد نظم ورتب وشارك في حفر الخندق وشارك في تثبيت المؤمنين وضرب كدية شديدة لم تعمل فيها المعاول ضربها فعادت كثيبا أهيل وأخلص في الدعاء لله يوم الخندق حتى أرسل الله الريح والملائكة تعاون في نصر المؤمنين والاقتداء برسول الله كائن ومتحقق لمن كان له أمل ورجاء في ثواب الله وفي عطاء اليوم الآخر في الجنة ، ولمن ذكر الله ذكرا كثيرا حتى يتحقق اتصاله بالله وطاعته لأمره فهو القائل : يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا . ( الأحزاب : 41-42 ) ورغم أن الآية نزلت في مدح موقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ومدح المؤمنين الثابتين في البأساء إلا أن الآية مع ذلك أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله وصبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه . 23

والآية وإن سيقت للاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أمر الحرب من الثبات في القتال ونحوه فهي عامة للاقتداء به في كل أفعاله ما لم يعلم أنها من خصوصياته فالقرآن قد حث المسلمين على توقير الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته وتعظيمه وحبه وهدد القرآن المخالفين لأمر الرسول قال تعالى : من يطع الرسول فقد أطاع الله . . . . ( النساء : 80 ) .

وقال سبحانه : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . . . ( آل عمران : 31 ) .

وقال سبحانه : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم . . ( النور : 63 ) .