الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

ثُم قال تعالى على جهة الموعظة : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] حين صَبَرَ وجَادَ بنفسهِ ، و{ أُسْوَةٌ } معناه قُدْوَة ، وَرَجَاءُ اللّه تَابع للمَعْرِفة به ورجاء اليومِ الآخر ؛ ثمرة العمل الصالح ، { وذكرُ اللّه كثيراً } [ الأحزاب : 21 ] من خَير الأعمال فَنَبَّه عليه .

( ت ) : وعن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : أَنا مَعَ عَبْدِي إذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ ) رواه ابن ماجه ، واللفظ له وابن حِبَّانَ في «صحيحه » ورواه الحاكم في «المستدرك » من حديث أبي الدرداء .

وروى جابرُ بن عبد اللّه ، قال : خرج علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ( يا أيها النَّاسُ ، إن لِلَّهِ سَرَايا مِنَ المَلاَئِكَةِ تَحُلُّ وَتَقِفُ على مَجَالِسِ الذِّكْرِ فِي الأَرْضِ ، فارتعوا فِي رِيَاضِ الجَنَّةِ ، قَالُوا : وأَيْن رِيَاضُ الجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ : مَجَالِسُ الذِّكْرِ فاعدوا وَرُوحُوا فِي ذِكْرِ اللّهِ وذَكِّرُوهُ أنْفُسَكُمْ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللّهِ عِنْدَهُ فَإنَّ اللّهَ يُنْزِلُ العَبْدَ مِنْهُ ، حَيثُ أَنْزَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ ) رواه الحاكم في «المستدرك » وقال : صحيحُ الإسناد .

وعن معاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : ( سَأَلْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إلَى اللّهِ تعالى ؟ قَالَ : ( أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللّهِ ) رواه ابن حِبَّانَ في «صحيحه » ، انتهى من «السِّلاَحِ » .

ولَولاَ خشيةُ الإطالةِ ، لأتَيْتُ في هذا الباب بأحاديثَ كَثِيرَةٍ ، وروى ابنُ المُبَاركَ في «رقائِقه » قال أخبرنا سُفْيانُ ابن عيينة عن ابن أبي نجِيحٍ عن مجاهدٍ قَالَ : لاَ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً والذَّاكرَاتِ حَتَّى يَذْكُرَ اللّهَ قَائِماً وَقَاعِداً وَمُضْطَجِعاً انتَهى .

وفي «مصحف ابن مسعود » ( يَحْسَبُونَ الأحزاب قَدْ ذَهَبُواْ فَإِذَا وَجَدُوهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا وَدُّوا أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعراب ) .