الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} (21)

فإن قلت : فما حقيقة قوله : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } . وقرىء : «أسوة » بالضم ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أنه في نفسه أسوة حسنة ، أي : قدوة ، وهو الموتسى [ به ] ، أي : المقتدى به ، كما تقول : في البيضة عشرون منا حديد ، أي : هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد . والثاني : أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع . وهي المواساة بنفسه { لّمَن كَانَ يَرْجُو الله } بدل من لكم ، كقوله : { لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ } [ الأعراف : 75 ] يرجو الله واليوم الآخر : من قولك رجوت زيداً وفضله ، أي : فضل زيد ، أو يرجو أيام الله . واليوم الآخر خصوصاً . والرجاء بمعنى الأمل أو الخوف { وَذَكَرَ الله كَثِيراً } وقرن الرجاء بالطاعات الكثيرة والتوفر على الأعمال الصالحة ، والمؤتسى برسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان كذلك .