تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ} (4)

{ مالك يوم الدين }

في قراءة ملك يوم الدين :

أي إن الله هو المالك المتصرف يوم القيامة ، فالناس في الدنيا يملكون ويحكمون ويتصرفون ، فإذا كان يوم القيامة وقف الناس جميعا للحساب الصغير والكبير ، السوقة والأمير ، الوزير والخفير ، الملك والأجير ، كل الناس قد وقفت حفاة عراة ، متجردين من كل جاه أو سلطان أو رتبة أو منزلة ، وينادي الله سبحانه : لمن الملك اليوم ؟ فيكون الجواب : لله الواحد القهار .

ويوم الدين : هو يوم الحساب والجزاء ، قال ابن عباس : يوم الدين هو يوم حساب الخلائق ، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، إلا من عفا عنه فالأمر أمره ، قال تعالى : { ألا له الخلق والأمر }( الأعراف : 54 ) .

والاعتقاد بيوم الدين كلية من كليات العقيدة الإسلامية وأساس من أسس السعادة والنجاح للفرد والمجتمع .

فالمؤمن عندما يتيقن أن هناك يوما للجزاء والحساب يدفعه إيمانه إلى مراقبة الله والتزام أوامره واجتناب نواهيه ، ولهذا فإن التشريعات الإسلامية تأخذ طابعا مميزا في التطبيق ، فإن المؤمن ينفذها راغبا في ثواب الله راهبا من عقابه .

أما التشريعات الوضعية فإن تنفيذها مرتبط بالخوف من السلطة ، وعندما يتأكد الشخص من بعده عن أعين السلطة فإن هذا يهون عليه ارتكاب المخالفة .

أما القانون الإلهي فإنه مرتبط بسلطة عليا ، لا تغيب ولا تختفي أبدا ، إنها سلطة الله الذي يعلم السر وأخفى ، ويطلع على الإنسان أينما كان وحيثما وجد . { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هم سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله على بكل شيء عليم }( المجادلة : 7 ) .