{ مالك } قد اختلف العلماء أيها أبلغ " ملك " أو " مالك " والقراءتان مرويتان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر ، ذكرهما الترمذي ، فذهب إلى الأول أبو عبيد والمبرد ، ورجحه الزمخشري ، وإلى الثاني أبو حاتم والقاضي أبو بكر بن العربي ، والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر فالمالك يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات بما هو مالك له بالبيع والهبة والعتق ونحوها ، والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته ورعاية مصالح الرعاية ، فأحدهما أقوى من الآخر في بعض الأمور ، والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الرب سبحانه أن الملك صفة لفعله وقيل بينهما عموم مطلق ، فكل ملك مالك ، ولا عكس ، لعموم ولاية الملك التزاما لا مطابقة ، قاله التفتازاني ، وقيل هما بمعنى .
وقد أخرج الترمذي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ " ملك " بغير ألف . وأخرج نحوه ابن الانباري عن أنس ، وأخرج أحمد والترمذي عن أنس أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرؤون " مالك " بالألف وأخرج نحوه سعيد بن منصور عن ابن عمر مرفوعا ، وأخرج نحوه أيضا وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود عن الزهري يرفعه مرسلا ، وأخرجه أيضا عبد الرازق في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داوود عن ابن المسيب مرفوعا مرسلا{[56]} ، وقد روى هذا من طرق كثيرة فهو أرجح من الأول ومالك بمعنى المستقبل ، قاله القرطبي ، وإضافته إلى ما بعده حقيقة أو لفظية ، والتعويل على القرائن والمقامات ، قاله الكرخي ، وهذا أمس بالعربية وأقعد في طريقها ، قاله أبو القاسم الزجاجي .
قال الخطيب والتقييد بقوله { يوم الدين } لا ينافي الاستمرار لأنه من غير اعتبار حدوث في أحد الأزمنة انتهى . واليوم في العرف عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان ، وفي الشرع عما بين طلوع الفجر الثاني وغروب الشمس والمراد هنا مطلق الوقت ، والدين الجزاء خيرا كان أو شرا .
ويوم الدين يوم الجزاء من الرب لعباده يقال كما تدين تدان أي كما تفعل تجاري ؛ ويدل قوله تعالى : { وما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله } والإضافة هذه على طريق الإتساع لأدنى ملابسه ؛ أي مالك الأمر كله في يوم الجزاء للعباد لأن الأمر فيه لله وحده ؛ ولذا خص بالذكر ، وعن ابن مسعود وناس من الصحابة أنهم فسروا يوم الدين بيوم الحساب ، وقال قتادة يوم يدين الله العباد بأعمالهم وقيل في معنى الدين غير ذلك ، والأول ما ذكرناه ، وهذه الأوصاف التي أجريت على الله من كونه ربا للعالمين موجودا لهم ومنعما بالنعم كلها ومالكا للأمر كله يوم الجزاء بعد الدلالة على اختصاص الحمد به في قوله { الحمد لله } دليل على أن من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه للحمد والثناء عليه بل لا يستحقه على الحقيقة سواه ، فإن ترتب على الوصف مشعر بعليته له ، وفي هذه الآية إثبات المعاد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.