تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا} (36)

المفردات :

عبادة الله : الخضوع له ، والاستشعار بتعظيمه في السر والعلن بالقلب والجوارح ، والإخلاص له بالاعتراف بوحدانيته ؛ إذ لا يقبل عملا بدونها .

الإحسان إلى الوالدين : قصد البر بهما بالقيام بخدمتهما ، والسعي في تحصيل مطالبهما ، والإنفاق عليهما بقدر الاستطاعة ، وعدم الخشونة في الكلام معهما .

ذي القربى : صاحب القرابة من أخ ، وعم ، وخال ، وأولاد هؤلاء .

الجار ذي القربى : هو الجار القريب الجوار .

الجار الجنب : هو البعيد القرابة .

الصاحب الجنب : الرفيق في السفر ، أو المنقطع إليك ، الراجي نفعك ورفدك .

ابن السبيل : هو المسافر أو الضيف .

ما ملكت أيمانكم : عبيدكم وإماؤكم .

المختال : ذو الخيلاء والكبر .

الفخور : الذي يعدد محاسنه ؛ تعاظما وتكبرا .

36

التفسير :

36- وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين . ِ هذه الآية تأمر بمكارم الأخلاق وهي سبيل من سبل التكافل والتراحم بين المسلمين .

وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا . أي : وحدوا الله وأخلصوا له العبادة ، ولا تشركوا به صنما أو غيره ؛ فهو سبحانه صاحب الفضل والنعمة ، وهو الذي خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور . كما أمر الله سبحانه بالاحسان إلى الوالدين ورعايتهما خصوصا في مرحلة الكبر والشيخوخة .

كما أمر بصلة الرحم ، والإحسان إلى الأقارب ، والتجاوز عن هفواتهم ، كما أمر برعاية اليتيم والإحسان إليه ؛ لأنه فقد أباه فيجب أن يرعاه المجتمع ويحنو عليه ، وكما أمر برعاية المسكين المحتاج بأن نيسر له العمل والنصح ويشمل ذلك إنشاء الملاجئ ، والمستشفيات ، ودور الحضانة ، ودروس تقوية التلاميذ ، وإنشاء صندوق لرعاية المحتاجين . والجار ذي القربى والجار الجنب . أي : أحسنوا إلى الجار الذي قرب مكانا أو دينا أو نسبا ، وإلى الجار البعيد مكانا أو دينا أو نسبا .

جاء في تفسير ابن كثير :

قال ابن عباس : والجار ذي القربى . يعني : الذي بينك وبينه قرابة ، والجار الجنب . الذي ليس بينك وبينه قرابة .

وروى ابن جرير أن الجار ذي القربى . يعني : الجار المسلم ، الجار الجنب . يعني : اليهودي والنصراني ، وقال مجاهد : الجار الجنب . الرفيق في السفر .

وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار منها ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ''مازال جبريل يوصيني بالجار ؛ حتى ظننت أنه سيورثه'' {[7]} .

والصاحب بالجنب . عن على وابن مسعود قالا : هي المرأة ، وقال ابن عباس ومجاهد : هو الرفيق في السفر ، وقال الطبري والزمخشري : والصاحب بالجنب . '' هو الذي صحبك إما رفيقا في سفر ، أو جار ملاصقا ، أو شريكا في تعلم علم ، أو قاعدا إلى جنبك في مجلس أو غير ذلك ، ممن له أدنى صحبة التأمت بينك و بينه فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه'' . وابن السبيل . أي : المسافر الغريب الذي انقطع عن بلده وأهله ، وما ملكت أيمانكم . أي : المماليك من العبيد والإماء ، إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا . أي : متكبرا في نفسه يأنف عن أقاربه وجيرانه فخورا على الناس يرى أنه خير منهم .

قال ابن جرير عن أبي رجاء الهروى : لا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالا فخورا ، ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا ثم تلا : وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا . ( مريم : 32 )


[7]:ما زال جبريل يوصيني بالجار: رواه البخاري في الأدب (6014) ومسلم في البر و الصلة (2624) وأبو داود في الأدب(5151) والترمذي في البر والصلة (1942) وابن ماجه في الأدب (3673) وأحمد في مسنده (25482،25012،24421،24079،23739) من حديث عائشة. ورواه البخاري في الأدب (6015) ومسلم في البر والصلة (2625) من حديث ابن عمر. ورواه أبو داود في الأدب (5152) والترمذي في البر والصلة (1943) و أحمد في مسنده (6460) من حديث عبد الله بن عمرو. وقال الترميدي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبي هريرة عن النبي صلى اله عليه وسلم أيضا. ورواه أحمد في مسنده (5552) من حديث عبد الله بن مسعود. ورواه أحمد في مسنده أيضا (10297،9453،7985،7470) من حديث أبي هريرة. ورواه أحمد في مسنده (22583،19837) عن رجل من الأنصار.