إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا} (36)

{ واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } كلامٌ مبتدأٌ مسوقٌ لبيان الأحكامِ المتعلقةِ بحقوق الوالدين والأقاربِ ونحوِهم إثرَ بيانِ الأحكامِ المتعلقةِ بحقوق الأزواجِ ، صُدِّر بما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكَدُ الحقوقِ وأعظمُها تنبيهاً على جلالة شأنِ حقوقِ الوالدين بنظمها في سلكها في سائر المواقعِ وشيئاً نُصب على أنه مفعول أي لا تشركوا به شيئاً من الأشياء صنماً أو غيرَه أو على أنه مصدرٌ أي لا تشركوا به شيئاً من الإشراك جلياً أو خفياً { وبالوالدين إحسانا } أي أحسنوا إليهما إحساناً { وَبِذِي القربى } أي بصاحب القرابةِ من أخ أو عمَ أو خالٍ أو نحو ذلك { واليتامى والمساكين } من الأجانب { والجار ذِي القربى } أي الذي قرُب جوارُه وقيل له : مع الجِوار قُربٌ واتصالٌ بنسب أو دِين وقرئ بالنصب على الاختصاص تعظيماً لحق الجارِ ذي القربى { والجار الجنب } أي البعيدِ أو الذي لا قرابةَ له وعنه عليه الصلاة والسلام : «الجيرانُ ثلاثةٌ ، فجارٌ له ثلاثةُ حقوقٍ : حقُّ الجِوارِ وحقُّ القرابةِ وحق الإسلامِ وجارٌ له حقان : حقُّ الجوارِ وحقُّ الإسلام وجارٌ له حقٌّ واحدٌ وهو حقُّ الجِوارِ وهو الجارُ من أهل الكتابِ » وقرئ والجار الجنب { والصاحب بالجنب } أي الرفيقِ في أمر حسنٍ كتعلُّم وتصرُّف وصناعةٍ وسفرٍ فإنه صحِبَك وحصل بجانبك ، ومنهم من قعد بجنبك في مسجد أو مجلسٍ أو غيرِ ذلك من أدنى صحبةٍ التَأَمَتْ بينك وبينه . وقيل : هي المرأةُ { وابن السبيل } هو المسافرُ المنقطِعُ به أو الضيفُ { وَمَا مَلَكَتْ أيمانكم } من العبيد والإماءِ { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً } أي متكبراً يأنف عن أقاربه وجيرانِه وأصحابِه ولا يلتفت إليهم { فَخُوراً } يتفاخرُ عليهم ، والجملةُ تعليلٌ للأمر السابق .