{ هو الذي جعل الشمس ضياءً } أي : ذات ضياء { والقمر نوراً } أي : ذا نور ، وخص الشمس بالضياء ؛ لأنها أقوى وآكد من النور ، وخص القمر بالنور ؛ لأنه أضعف من الضياء ، لأنّ الشمس نيرة في ذاتها ، والقمر نير بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منها . وقرأ قنبل بهمزة مفتوحة ممدودة بعد الضاد ، والباقون بياء مفتوحة ، والضمير في قوله تعالى : { وقدّره منازل } يرجع إلى الشمس والقمر ؛ أي : قدّر مسير كل واحد منهما منازل ، أو قدّره ذا منازل ، أو يرجع إلى القمر فقط ، وتخصيصه بالذكر لسرعة مسيره ومعاينة منازله ، وإناطة أحكام الشرع به ، ولذلك علله بقوله تعالى : { لتعلموا عدد السنين والحساب } أي : حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرّفاتكم ؛ لأنّ الشهور المعتبرة في الشريعة مبنية على رؤية الأهلة ، والسنة المعتبرة في الشريعة هي السنة القمرية ، كما قال تعالى : { إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله } [ التوبة : 36 ] .
فائدة : منازل القمر ثمانية وعشرون منزلاً ، وأسماؤها : السرطان ، والبطين ، والثريا ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنثرة ، والطرف ، والجبهة ، والزبرة ، والصرفة ، والعوّا ، والسماك ، والغفر ، والزباني ، والإكليل ، والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلع ، وسعد السعود ، وسعد الأخبية ، وفرغ الدلو المقدّم ، وفرغ الدلو المؤخر ، وبطن الحوت . وهذه المنازل مقسومة على البروج وهي اثنا عشر برجاً : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت . فلكل برجٍ منزلان وثلث ، فينزل القمر في كل ليلة منها منزلاً ، فيستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين ، وإن كان تسعاً وعشرين فليلة واحدة ، فيكون انقضاء الشهر مع نزوله تلك المنازل ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوماً ، فيكون انقضاء السنة مع انقضائها ، أو انتفاع الخلق بضوء الشمس ، وبنور القمر عظيم ، فالشمس سلطان النهار ، والقمر سلطان الليل ، وبحركة الشمس تنفصل السنة إلى هذه الفصول الأربعة ، وبالفصول الأربعة تنتظم مصالح هذا العالم ، وبسبب الحركة اليومية يحصل النهار والليل ، والنهار يكون زماناً للتكسب وللطلب ، والليل يكون زماناً للراحة .
{ ما خلق الله ذلك } المذكور . { إلا بالحق } أي : لم يخلق ذلك باطلاً ولا عبثاً تعالى الله عن ذلك إظهاراً لقدرته ، ودلائل وحدانيته . ونظيره قوله تعالى في آل عمران : { ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً } [ آل عمران : 191 ] . وقال تعالى في سورة أخرى : { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا } [ ص ، 27 ] . { يفصل } أي : يبين { الآيات } أي : الدلائل الباهرة واحدة في إثر واحدة بياناً شافياً . { لقوم يعلمون } فإنهم المنتفعون بالتأمّل فيها . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص بالياء ، والباقون بالنون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.