السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدّي ، وهي أربع آيات ، وخمس عشرة كلمة ، وسبعة وأربعون حرفاً .

{ بسم الله } الذي له جميع الكمال ذي الجلال والجمال { الرحمن } الذي أفاض على جميع خلقه عموم الأفضال { الرحيم } الذي خص أهل وداده من نور الإنعام بالإتمام والأكمال .

واختلف في سبب نزول سورة { قل هو الله أحد } فروى أبو العالية عن أبيّ بن كعب : أنّ المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فنزلت . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال عامر : إلى من تدعونا يا محمد ؟ فقال : إلى الله تعالى ، قال : صفه لنا ، أمن ذهب هو ؟ أم من فضة ؟ أم من حديد ؟ أم من خشب ؟ فنزلت ، وأهلك الله تعالى أربد بالصاعقة ، وعامر من الطفيل بالطاعون . وقال الضحاك وقتادة ومقاتل : جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك ، فإنّ الله تعالى أنزل صفته في التوراة . فأخبرنا من أي شيء هو ؟ وهل يأكل ويشرب ؟ ومن ورث ؟ ومن يرثه ؟ فنزلت .

تنبيه : هو ضمير الشأن ، وهو مبتدأ ، وخبره الله ، وأحد بدل ، أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله تعالى على جميع صفات الكمال ؛ إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن التركيب والتعدّد ، وما يستلزم أحدهما كالجسيمة والتحيز والمشاركة في الحقيقة ، وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامّة المقتضية للألوهية .

فائدة : جاء في الواحد عن العرب لغات كثيرة ، يقال : واحد وأحد ووحد ووحيد ووحاد وأحاد وموحد وأوحد ، وهذا كله راجع إلى معنى الواحد ، وإن كان في ذلك معان لطيفة ، ولم يجيء في صفات الله تعالى إلا الواحد والأحد .