ثم وصف سبحانه وتعالى نفسه بكمال العلم بقوله تعالى : { ولله } ، أي : لا لغيره ، { غيب السماوات والأرض } ، وهو : ما غاب فيهما عن العباد بأن لم يكن محسوساً و لم يدل عليه محسوس ، وقيل : الغيب هنا : هو قيام الساعة فإن علمه غائب عن أهل السماوات و الأرض ، ثم وصف سبحانه وتعالى كمال قدرته بقوله تعالى : { وما أمر الساعة } ، وهو الوقت الذي يكون فيه البعث ، { إلا كلمح البصر } ، أي : إلا كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها ، والمعنى : وما أمر قيام الساعة في السرعة والسهولة إلا كطرف العين ، والمراد منه : تقدير كمال القدرة ، ومعنى قوله تعالى : { أو هو أقرب } ، إنّ لمح البصر عبارة عن انتقال الجسم المسمى بالطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها ، و لا شك أنّ الحدقة مؤلفة من أجزاء ، فلمح البصر عبارة عن المرور على جملة تلك الأجزاء التي منها تألف الحدقة ، و لاشك أن تلك الأجزاء كثيرة ، والزمان الذي يحصل فيه لمح البصر مركب من آنات متعاقبة ، والله تعالى قادر على إقامة القيامة في آن واحد من تلك الآنات ، فلذلك قال : { أو هو أقرب } ، إلا أنه لما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا وأفكارنا ، هو : لمح البصر ، لا جرم ذكره ، ثم قال : { أو هو أقرب } ، تنبيهاً على ما مرّ ، و لا شبهة في أنه ليس المراد : طريقة الشك ، فالمراد إذاً : بل هو أقرب ، وقال الزجاج : المراد به الإبهام على المخاطبين ، لا أنه تعالى يأتي بالساعة إمّا بقدر لمح البصر أو بما هو أسرع ، وقيل معناه : إنّ قيام الساعة و إن تراخى ، فهو عند الله كالشيء الذي تقولون فيه هو كلمح البصر أو هو أقرب مبالغة ، كقوله تعالى : { وإنّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون } [ الرحمن ، 47 ] . { إنّ الله } ، أي : الملك الأعظم ، { على كل شيء قدير } ، فيقدر على أن يحي الخلائق دفعة واحدة كما قدر على إحيائهم ، فإنه تعالى مهما أراده كان في أسرع ما يكون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.