محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا} (72)

[ 72 ] { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا 72 } .

{ ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا } أي ومن كان في هذه الحياة الدنيا أعمى عن الاهتداء إلى الحق ، فهو في الآخرة أعمى لا يرى طريق النجاة ، وأضل سبيلا منه في الدنيا . لأن له في هذه الحياة آلات وأدوات وأسباب يمكنه الاهتداء بها . وهو في مقام الكسب باقي الاستعداد . ولم يبق هناك شيء من ذلك . قيل : العمى حقيقة فيمن لا يدرك المبصرات ، لفساد حاسته . مجاز في عمى البصيرة ، وهو عدم الاهتداء إلى طريق النجاة . وقيل : هو حقيقة فيهما . وعليه جوز أن يكون ( أعمى ) الثاني أفعل تفضيل . لأنه من عمى القلب لا عمى البصر . ويجوز أن يصاغ من العيوب البائنة أفعل تفضيل كالأحمق والأبله .

لطيفة :

قال الناصر : يحتمل أن تكون هذه الآية قسيمة الأولى . أي فمن أوتي كتابه بيمينه فهو الذي يبصره ويقرؤه . ومن كان في الدنيا أعمى غير مبصر في نفسه ، ولا ناظر في معاده ، فهو في الآخرة كذلك ، غير مبصر في كتابه ، بل أعمى عنه أو أشد عمى مما كان في الدنيا ، على اختلاف التأويلين .