الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ} (18)

{ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } قرأ النخعي ونافع وأبو عمرو وابن محيص ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي تصاعر بالألف .

أخبرني أبو عبدالله بن فنجويه قال : أخبرني أبو حبش قال أبو القاسم بن الفضل قال أبو زرعة : حدّثني نضر بن علي قال : أخبرني أبي عن معلى الورّاق عن عاصم الجحدري { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ } بضم التاء وجزم الصاد من أصعر . الباقون { تُصَعِّرْ } من التّصعير . قال ابن عبّاس : يقول لا تتكبّر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلّموك . مجاهد : هو الرجل يكون بينه وبينك إحنة فتلقاه فيعرض عنك بوجهه . عكرمة : هو الذي إذا سُلّم عليه لوى عنقه تكبّراً . الربيع وقتادة : لا تحقّر الفقراء ، ليكن الفقير والغني عندك سواء .

عطاء : هو الذي يلوي شِدقه . أخبرنا عبدالله بن حامد ، عن حامد بن محمد ، عن محمد ابن صالح ، عن عبد الصمد ، عن خارجة بن مصعب ، عن المغيرة ، عن إبراهيم في قوله : { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاس } قال : التشديق في الكلام . وقال المؤرّخ : لا تعبس في وجوه الناس . وأصل هذه الكلمة من المَيل ، يقال : رجل أصعَر إذا كان مائل العنق . وجمعُهُ صُعر ، ومنه ، الصِّعر : وهو داء يأخذ الإبل في أعناقها ورؤوسها حتى يلفت أعناقها ، فشُبّه الرجل المتكبّر الذي يعرض عن الناس احتقاراً لهم بذلك . قال الشاعر يصف إبلاً :

وردناه في مجرى سهيل يمانياً *** بصعر البري من بين جمع وخادج

أي مائلات البري . وقال آخر :

وكنّا إذا الجبّار صعّر خدّه *** أقمنا له من ميله فتقوّما

{ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً } أي خيلاءَ . { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ } في مشيته { فَخُورٍ } على الناس .

أخبرني عبدالله بن حامد الوزان ، عن أحمد بن محمد بن شاذان ، عن جيغويه ، عن صالح ابن محمد ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خرج رجل يتبختر في الجاهلية عليه حُلّة ، فأمر الله عزّ وجلّ الأرضَ فأخذتْه ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " .