الآية : 71 وقوله تعالى : { والله فضل بعضكم على بعض في الرزق } ، قال بعض أهل التأويل : يذكر هذا مقابل ما أشركوا خلقه وعباده في ألوهيته وعبادته . يقول : { فضل بعضكم على بعض في الرزق } ، والأموال حتى بلغوا السادة والموالي ، فلا ترضون {[10324]} أن يكون عبيدكم ومماليككم شركاء في ملككم وأموالكم ، فكيف ترضون لله أَن يكون عبيده ومماليكه شركاء ؟ إلى هذا يذهب أهل التأويل .
وقال أبو بكر الأصم : قوله : { والله فضل بعضكم على بعض في الرزق } : أغنى بعضكم ، وأفقر بعضا ، وجعل منكم أحرارا ، ( ومنكم ) {[10325]} عبيدا ، { فما الذين فضلوا } بالغنى والملك {[10326]} { بِرَادِّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم } ، من عبيدهم . فهم فيه سواء . أن يستوي المولى وعبده فيما ملكت يمينه .
يقول : فليس أحد منكم يرضى أن يكون عبده بمنزلته في ما يملك سواء . فإذا رأيتم أنتم ذلك نقصا بكم ، لو فعلتم ، فكيف زعمتم أن الله أشرك بينه وبين أحجار ، حتى أشركتم وما ملككم الله بينه وبين الأوثان في العبادة وفي ما آتاكم من رزق ، فقلتم : { هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا } ؟ ( الأنعام : 136 ) .
( وقوله تعالى ){[10327]} : { أفبنعمة الله يجحدون } ، يقول : أنعم الله عليهم بأنفسهم وأرزاقهم وأموالهم وأولادهم ، فأشركوا غير الله فيها ، وجحدوا نعمة الله عليهم ؛ بها عصوا ، وبها كفروا . ثم ألزمهم النظر في الفضل الذي ذكر أنه بعضهم على بعض ، إلى عين الفضل الذي كان من الله لا من الأسباب التي اكتسبوها ، ليعلموا أنهم لم ينالوا تلك الفضائل باستحقاق منهم ، ولكن إنما نالوا{[10328]} بفضل منه ورحمة . فيكون ذلك دليلا في ما أنكروا من أفضال الله ، واختصاصه بعضهم على بعض في الرزق والسعة والملك والحرية والسلطان ، وإن كانوا جميعا ( من جنس واحد ){[10329]} .
فإذا لم تنكروا هذا النوع من الفضل والاختصاص لبعض على بعض ، فكيف أنكرتم ذلك الفضل والاختصاص بالرسالة من فضله ورحمته ؟
فلذلك قال ، والله أعلم ، { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } ( الزخرف : 32 ) . أخبر برحمته وفضله ينال ما ينال من الرسالة وغيرها لا بالاستحقاق والاسْتِيَجاب ( الذي ) {[10330]} كان منهم ، أو يذكر سفههم بأنهم يأنفون أن يشركوا عبيدهم ومماليكهم في ملكهم وأموالهم ، ولهم منهم منافع من الخذمة والإعانة في الأمور ، فما بالهم يشركون أحجارا وخشبا ، لا منفعة لأحد منهما في ألوهية الله وربوبيته وفي عبادته ؟ { أفبنعمة الله يجحدون } ؟
وعلى تأويل النبوة ، أفبفضل الله ورحمته يجحدون أنه لا يفضل بعضا على بعض بالرسالة ، أو يجحدون ما آتاهم الله من النعم ، فيصرفون نعمه إلى غيره ، وهي : الأصنام التي عبدوها ، فقالوا : { وهذه لشركائنا } ( الأنعام : 136 ) ، أو يصرفون شكر نعمه إلى غيره ، وهي : الأوثان التي عبدوها ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.