{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم } .
{ تنالوا } تعطوا وتدركوا وتصيبوا .
{ البر } الصدق والطاعة والصلاح والخير والتقى والقربة وخير الدنيا والآخرة فخير الدنيا الهدى وسعة النعمة وخير الآخرة الفوز بالرضوان والخلود والجنة .
{ تنفقوا } توسعوا وتنشروا وتتصدقوا وأنفق الرجل إنفاقا إذا وجد نفاقا ورواجا وكثر من يقبل على ما لديه .
[ لما ذكر أن الإنفاق لا ينفع الكافر البتة علم المؤمنين كيفية الإنفاق الذي ينتفعون به في الآخرة وهو الإنفاق من أحب الأشياء إليهم ؛ . . . البر . . . ما به يصيرون أبرارا ليدخلوا في قوله { إن الأبرار لفي نعيم }{[1059]} فيكون المراد بالبر ما يصدر عنهم من الأعمال المقبولة المذكورة في قوله { . . أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون }{[1060]} ، والثاني : الجنة أي لن تنالوا ثواب البر وقيل المراد بر الله وأوليائه وإكرامه وإياهم . . و{ من } في قوله { من ما تحبون } للتبعيض . . وفيه أن إنفاق كل المال غير مندوب بل غير جائز لمن يحتاج إليه ] {[1061]} .
لن يبلغ المسلم درجة التقى والقربة ولن يصيب حقيقة الصدق مع الله والطاعات التامة له ، ولن يمنح بر الله تعالى وثوابه ورضوانه وجنته حتى يبذل مما يحبه . عن عطاء قال : لن تنالوا شرف الدين والتقوى حتى تتصدقوا وأنتم أصحاء أشحاء تأملون العيش وتخشون الفقر .
في الصحيحين عن عمر قال : يا رسول الله لم أصب مالا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر فما تأمرني به ؟ قال ( احبس الأصل وسبل الثمرة ) .
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار نخلا بالمدينة وكان أحب أمواله إليه بئر حاء{[1062]} وكانت مستقبلة المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قال أبو طلحة : يا رسول الله إن الله تعالى يقول { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي بئر حاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بخ بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ) فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه .
{ وما تنفقوا من شيء } – أي شيء تنفقوا طيب تحبونه أو خبيث تكرهونه . { فإن الله به عليم } . . فيجازيكم بحسبه . . وفي الآية ترغيب وترهيب-{[1063]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.