فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيۡهِمۡۛ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗۛ يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (26)

{ قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض } نقل ابن جرير عن الربيع ما حاصله : . . حتى إذا خلت أربعون سنة وكانت عذابا بما اعتدوا وعصوا أوحى إلى موسى : أن مُرهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة فإن الله قد كفاهم عدوهم ؛ وعن عكرمة قال : التحريم لا منتهى له ، وعن ابن اسحق : فلما شب النواشىء من دراريهم وهلك آباؤهم وانقضت الأربعون سنة التي تتيهوا فيها ، وسار بهم موسى ومعه يوشع بن نون وكالب بن يوفنه . . فدخلها بهم ؛ ثم قال أبو جعفر : وأولى ذلك عندي بالصواب قول من قال : إن الأربعين منصوبة بالتحريم ، وأن قوله { محرمة عليهم أربعين سنة } معنى به جميع قوم موسى لا بعض دون بعض منهم ، لأن الله عز ذكره عم بذلك القوم ولم يخصص منهم بعضا دون بعض ، وقد وفى الله بما وعدهم به من العقوبة ، فتيههم أربعين سنة ، وحرم على جميعهم في الأربعين سنة التي مكثوا فيها تائهين دخول الأرض المقدسة ، فلم يدخلها منهم أحد ، لا صغير ولا كبير ، ولا صالح ولا طالح ، حتى انقضت السنون التي حرم الله عز وجل عليهم فيها دخولها ، ثم أذن لمن بقي منهم وذراريهم بدخولها مع نبي الله موسى والرجلين اللذين أنعم الله عليهما ، وافتتح قرية الجبارين إن شاء الله نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم ، وعلى مقدمته يوشع ، ا ه . { فلا تأس على القوم الفاسقين } عن السدي قال : لما ضرب عليهم التيه ندم موسى صلى الله عليه وسلم فلما ندم أوحى الله إليه : { فلا تأس على القوم الفاسقين } لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين .