فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (27)

واتل عليهم نبأ ابني أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين( 27 )

أمر الله تعالى نبيه أن يقرأ على الناس ، أو على أهل الكتاب خبر وقصة ابني آدم : { واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق } أي : قراءة ملتبسة بالصدق ، فإن نبأ الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل : ( إن هذا لهو القصص الحق . . ) ( {[1721]} )- أو ملتبسة بالغرض الصحيح ، وهو : تقبيح الحسد ، والتحذير من سوء عاقبة الحاسد-( {[1722]} ) ، { إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر } عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن ابني آدم اللذين قربا( {[1723]} )قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، وأنهما أُمرا أن يُقربا قربانا ، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها ، طيبة به نفسه ، وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه . . غير طيبة بها نفسه ، وإن الله تقبل قربان صاحب الغنم ، . . . وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه ، . . أيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه ؛ وعن ابن عباس قال : كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين فيتصدق عليه ، وإنما كان القربان يقربُه الرجل ، فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا : لو قربنا قربانا ! وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله أرسل إليه نارا فأكلته ، وإن لم يكن رضيه الله خبت النار ؛ فقربا قربانا ، وكان أحدهما راعيا ، وكان الآخر حراثا . . ، فجاءت النار فنزلت بينهما فأكلت الشاة وتركت الزرع ، وإن ابن آدم قال لأخيه : أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانا فتقبل منك ورُد عَلَي ؟ ! فلا والله لا تنظر الناس إلي وإليك وأنت خير مني ، ف{ قال لأقتلنك } ؛ فقال له أخوه : ما ذنبي ؟ ! { إنما يتقبل الله من المتقين } ؛ عن قتادة : قال : هما هابيل وقابيل ، قال : كان أحدهما صاحب زرع والآخر صاحب ماشية فجاء أحدهما بخير ما له وجاء الآخر بشر ماله ، فجاءت النار فأكلت قربان أحدهما وهو هابيل وتركت قربان الآخر فحسده فقال : لأقتلنك ؛ مما جاء في جامع البيان : وكانت قرابين الأمم الماضية قبل أمتنا كالصدقات والزكوات فينا ؛ والقربان في أمتنا الأعمال الصالحة ، من الصلاة والصيام والصدقة على أهل المسكنة ، وأداء الزكاة المفروضة . ا ه .


[1721]:من سورة آل عمران. من الآية 6.
[1722]:من تفسير غرائب القرآن.
[1723]:المقصود: إذ قرب كل واحد منهما قربانا، إلا أنه جمعهما في الفعل اتكالا على قرينة الحكاية، أو: لأن القربان في الأصل مصدر ثم سمي به ما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو صدقة.