الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وهي عشرون آية .

{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } نزلت في سبب خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت ظاهر منها وكان ذلك أول ظهار في الاسلام وكان الظهار من طلاق الجاهلية فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت أن زوجها ظاهر منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليه فقالت أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي وصبية صغارا وجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قال لها حرمت عليه هتفت وشكت إلى الله وقوله { والله يسمع تحاوركما } أي تخاطبكما ومراجعتكما الكلام .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المجادلة مدنية وآياتها 22 نزلت بعد المنافقون .

{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } نزلت الآية في خولة بنت حكيم ، وقيل : خولة بنت ثعلبة ، وقيل : خولة بنت خويلد ، وقيل : اسمها جميلة وكانت امرأة أوس بن الصامت الأنصاري أخو عبادة بن الصامت فظاهر منها وكان الظهار في الجاهلية يوجب تحريما مؤبدا ، فلما فعل أوس ذلك جاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " يا رسول الله إن أوسا أكل شبابي ونشرت له بطني فلما كبرت ومات أهلي ظاهر مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيتك إلا قد حرمت عليه ، فقالت : يا رسول الله لا تفعل إني وحيدة ليس لي أهل سواه فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل مقالته فراجعته ، فهذا هو جدالها " .

{ وتشتكي إلى الله } كانت تقول : اللهم إني أشكو إليك حالي وانفرادي وفقري ، وروي : أنها كانت تقول : اللهم إن لي منه صبية صغارا إن ضممتهم إلي جاعوا ، وإن ضممتهم إليه ضاعوا .

{ والله يسمع تحاوركما } المحاورة هي المراجعة في الكلام قالت عائشة رضي الله عنها : سبحان من وسع سمعه الأصوات لقد كنت حاضرة وكان بعض كلام خولة يخفى عليه وسمع الله كلامها ، ونزل القرآن في ذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها وقال له : " أتعتق رقبة ، فقال : والله ما أملكها فقال : أتصوم شهرين متتابعين ، فقال : والله ما أقدر ، فقال له : أتطعم ستين مسكينا ، فقال : لا أجد إلا أن يعينني رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعونة وصلاة يريد الدعاء فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ، وقيل : بثلاثين صاعا ودعا له فكفر بالإطعام وأمسك زوجته " .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ( 1 ) } .

قد سمع الله قول خولة بنت ثعلبة التي تراجعت في شأن زوجها أوس بن الصامت ، وفيما صدر عنه في حقها من الظِّهار ، وهو قوله لها : " أنت عليَّ كظهر أمي " ، أي : في حرمة النكاح ، وهي تتضرع إلى الله تعالى ؛ لتفريج كربتها ، والله يسمع تخاطبكما ومراجعتكما . إن الله سميع لكل قول ، بصير بكل شيء ، لا تخفى عليه خافية .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مدنية وعدد آياتها اثنتان وعشرون . وهي مبدوءة بسبب نزولها وهي المرأة التي جاءت تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجادله في زوجها فأنزل الله قوله : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير } وعقب ذلك يأتي البيان بحقيقة الظهار من حيث معناه وحكمه وما يجب فيه من كفارة .

وتتضمن السورة نهيا عن التناجي والاستسرار بالإثم والعدوان مما يثير الريبة والرهبة في نفوس المسلمين .

وفي السورة تعظيم للعلم وتوقير للعلماء إذ { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } .

وفي السورة نهي للمسلمين عن موادة المشركين الذين يحادون الله ورسوله ولو كانوا أقرب الأقربين إليهم . إنما ينشدّ المسلم برباط العقيدة إلى إخوانه المسلمين . فلا يعبأ بغير ذلك من روابط العصبية والنسب . إلى غير ذلك مما تضمنته السورة من المعاني والحقائق والعبر .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير } .

روى الإمام أحمد عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات . لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى آخر الآية .

وفي رواية عن عروة عن عائشة ( رضي الله عنها ) أنها قالت : تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خويلة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول : يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونثرت له بطني حتى إذ كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك . قالت : فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } فالمشتكية إلى الله هي خولة بنت ثعلبة في الأصح . وزوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت . ذكر أن خولة قالت : دخل علي ذات يوم وكلمني بشيء وهو فيه كالضجر فراددته فغضب فقال : أنت عليّ كظهر أمي . ثم خرج في نادي قومه ثم رجع إلي فراودني عن نفسي فامتنعت منه ، فشادّني فشاددته فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف . فقلت : كلا والذي نفس خويلة بيده لا تصل إليّ حتى يحكم الله تعالى فيّ وفيك بحكمه ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أشكو ما لقيت . فقال : " زوجك وابن عمك اتقي الله وأحسني صحبته " . فما برحت حتى نزل القرآن { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى قوله : { إن الله سميع بصير } حتى انتهى إلى الكفارة قال : " مريه فليعتق رقبة " . قلت : يا نبي الله والله ما عنده رقبة يعتقها . قال : " مريه فليصم شهرين متتابعين " قلت : يا نبي الله شيخ كبير ما به من صيام ، قال : " فليطعم ستين مسكينا " قلت : يانبي الله والله ما عنده ما يطعم ، قال : " بلى سنعينه بعرق من تمر مكتل يسع ثلاثين صاعا " قلت : وأنا أعينه بعرق آخر ، قال : " قد أحسنت فليتصدق " {[4472]} .

قوله : { والله يسمع تحاوركما } الجملة في موضع نصب على الحال . أو مستأنفة ، والتحاور بمعنى التجاوب{[4473]} أي والله يسمع ما جرى من تراجع في الكلام ومن تحاور بين رسوله صلى الله عليه وسلم وخولة بنت ثعلبة . قوله : { إن الله سميع بصير } الله يسمع ويرى . فما من صوت ولا همس ولا نبس ولا حركة ولا سكنة ولا حدث إلا يسمعه الله أو يراه .


[4472]:أسباب النزول للنيسابوري ص 274.
[4473]:مختار الصحاح ص 161.