قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل } ، هذه قراءة الجمهور ، أعني : فتح الراء وحذف الألف للجزم .
وقرأ السلمي{[60854]} : «تَرْ » بسكون الراء ، كأنه لم يعتد بحذف الألف .
وقرأ أيضاً{[60855]} : «ترأ » بسكون الراء وهمزة مفتوحة ، وهو الأصل ، و«كَيْفَ » معلقة للرؤية ، وهي منصوبة بفعل بعدها ؛ لأن «ألَمْ تَر كَيفَ » من معنى الاستفهام .
وقال ابن عباس : ألم تسمع{[60856]} ؟ واللفظ استفهام والمعنى تقرير ، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه عام ، أي : ألم تروا ما فعلت بأصحاب الفيل ؟ أي : قد رأيتم ذلك ، وعرفتم موضع منتي عليكم ، فما لكم لا تؤمنون ؟ .
الفيل معروف ، والجمع : أفيال ، وفيول ، وفيلة .
قال ابن السكيت : ولا يقال : «أفيلة » والأنثى فيلة ، وصاحبه : فيال .
قال سيبويه : يجوز أن يكون أصل «فيل » : «فُعْلاً » فكسر من أجل الياء ، كما قالوا : أبيض وبيض .
وقال الأخفش : هذا لا يكون في الواحد ، إنما يكون في الجمع ، ورجل فيلُ الرأي ، أي : ضعيف الرأي ، والجمع : أفيال ، ورجل فالٌ : أي : ضعيف الرأي ، مخطئ الفراسة ، وقد فال الرأي ، يفيلُ ، فيُولة ، وفيَّل رأيه تفييلاً : أي : ضعفه ، فهو فيِّلُ الرأي .
فصل في ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم
حكى الماوردي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «وُلدتُ عَامَ الفِيْلِ »{[60857]} .
وقال في كتاب «أعلام النبوةِ » : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وكان بعد الفيل بخمسين يوماً ، ووافق من شهور الروم العشرين من أشباط ، في السَّنة الثانية عشرة من ملك هرمز بن أنوشروان .
قال : وحكى أبو جعفر الطبري : أن مولده صلى الله عليه وسلم كان لاثنين وأربعين سنة من ملك أنوشروان .
وقيل : إنه - عليه السلام - حملت به أمه في يوم عاشوراء من المحرم ، حكاه ابن شاهين أبو حفص في فضائل يوم عاشوراء ، وولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلةً خلت من شهر رمضان ، فكانت مدة الحمل ثمانية أشهر كملا ، ويومين من التاسع .
وقال ابن العربي : قال ابن وهب عن مالكٍ : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل [ قال ] قيس بن مخرمة : ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل .
وقال عبد الملك بن مروان لعتَّاب بن أسيد : أنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : النبي صلى الله عليه وسلم أكبر مني ، وأنا أسنّ منه ، ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، وأنا أدركت سائسه وقائده أعميين مقعدين يستطعمان الناس .
فصل في أن قصة الفيل من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
قال بعض العلماء : كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت قبله ، وقبل التحدي ؛ لأنها كانت توكيداً لأمره ، وتمهيداً لشأنه ، ولما تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه السورة كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الواقعة ، ولهذا قال : «ألَمْ تَرَ » ولم يكن ب «مكة » أحد إلاَّ وقد رأى قائد الفيل ، وسائقه أعميين [ يتكففان ] {[60858]} الناس .
قالت عائشة - رضي الله عنها - مع حداثة سنّها : «لقَدْ رَأيتُ قَائِدَ الفِيْلِ وسَائقَهُ أعْميَيْنِ يَسْتطعِمَانِ النَّاسَ »{[60859]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.