اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ} (5)

قوله : { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ } . «كَعصْفٍ » هو المفعول الثاني للجعل ، بمعنى التصيير ، وفيه مبالغة حسنة ، وهو أنه لم يكفهم أن جعلهم أهون شيء من الزَّرع ، وهو ما لا يجدي طائلاً ، حتى جعلهم رجيعاً .

والمعنى : جعل الله تعالى أصحاب الفيل كورق الزروع إذا أكله الدواب ، فرمت به من أسفل ، قاله ابن زيد وغيره ، والعصف جمع واحده عصفة وعصافة ، وأدخل الكاف في «كعصف » للتشبيه مع مثل قوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] ومعنى مأكول أن المراد به قشر البُرّ ، يعني الغلاف الذي يكون فيه حبة القمح ، يروى أن الحجر كان يقع على أحدهم فيخرج كل ما في جوفه ، فيبقى كقشر الحنطة إذا خرجت منه الحبة ، شبَّه تقطُّع أوصالهم بتفرُّق أجزائه ، روي معناه عن ابن زيد{[60875]} ، وغيره .

قال ابن إسحاق : لما رج الله الحبشة عن «مكة » ، عظمت العرب قريشاً ، وقالوا : أهل الله قاتل عنهم ، وكفاهم مئونة عدوهم ، فكان ذلك نعمةً من الله عليهم .

ختام السورة:

روى الثَّعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورَة { الفيل } عَافاهُ اللهُ تعَالى حياته مِنَ المسْخِ ، والعَدُوِّ »{[1]} والله أعلم .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[60875]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/699).